كنا قد أضأنا إشارة ربط أحزمة المقاعد ، و بدأنا بالهبوط التدريجي لنقترب شيئاً فشيئاً من وجهتنا ... ترقب وتحفز من جميع المسافرين ... الهبوط كما أسلفنا يشكل بحد ذاته مشكلة كبرى لدى الكثيرين بسبب ماسمعوه و شاهدوه من خلال السينما والإعلام ... الا أننا سنتحدث هنا من ناحية عملية ، الطائرة مجهزة بأجهزة ملاحية حساسة جداً مرتبطة باستمرار مع الأقمار الصناعية وتنفذ ماتم إدخاله في حاسوب الطائرة مسبقاً قبل الرحلة و كل هذا مُراقبُ من مراقِبٍ متمرس يقبع خلف شاشة كبيرة تظهر جميع الطائرات في منطقته ولا يلبث الا وأن يسلمك الى زميله المسؤول عن المنطقة الرادارية الأخرى كما تسلم الأم طفلها الى والدتها. بعد أن تصل الطائرة لحرم المطار يقوم الطيار بتجهيزها 'انسيابياً' لتهدئة سرعتها ولتجهيزها لوضعية الهبوط ، وأبسط مثال حي لتصورها وفهمها هي الطيور ! التي تتخذ الطائرات منها نموذجاً للإقلاع و الهبوط ، والآن يصدر ضجيج بسيط صادر من مخزن عجلات الطائرة الذي فتح لتنزل منه عجلاتها وتتخذ الوضعية النهائية للهبوط ، والحقيقة أن كثيراً من المسافرين الأعزاء يربط مهارة الطيار بمدى نعومة الإحساس بالهبوط من عدمه وفي هذا مجانبة كبيرة للحقيقة ، إذ أن الأولى هو سلامة الطائرة بوضعها على المدرج في أول ألفٍ وخمسمائة قدم ، مع التمسك بمنتصف المدرج ، مع الهبوط الآمن ... مما يؤدي لقدرة الطائرة على التوقف على المدرج و في مسافة معينة تحسباً لأي طارئ ، و يقابل هذه الأولويات عوامل متغيرة مثل : سرعة الرياح واتجاهها ، تغير اتجاه الرياح فجأة ، طول المدرج .. و غيرها من التحديات ، بل إن من كتب لنا الطيران معهم من المدربين المتمرسين يحسبون على الطيار تقديمه أولوية الهبوط الناعم على غيره من العوامل ! تلمس الطائرة أرض المدرج ، فتفتح تلقائياً 'الفرامل الهوائية' على جناحي الطائرة و يليها 'عاكس' هواء المحرك الذي يعطي قوة معاكسة من المحرك نفسه و أحياناً فرامل الطائرة الأوتوماتيكية. دمتم بخير.