سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زيارة ولي العهد للشرق إن الحكمة من تحرك المملكة ناحية الشرق -في هذه المرحلة- تكمن في تعزيز الاقتصاد والتبادل التجاري، وتحقيق المصالح العليا للدولة، من خلال تنويع التعامل وفق المصالح المشتركة
تأتي زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لبعض دول الشرق -التي تربطها بالمملكة علاقات ودية راسخة- في وقت تشهد فيه العلاقات الدولية بين كثير من دول العالم توترًا كبيرًا على كل الجبهات. واستمرار الولاياتالمتحدةالأمريكية في الدعم المطلق لإسرائيل وكذلك التقارب الأمريكي الإيراني الذي يقلق المنطقة بأكملها. المملكة العربية السعودية بما لها من ثقل في العالم الإسلامي تحظى بقبولٍ مدعوم بقدراتها الذاتية التي تنطلق من خدمة الحرمين الشريفين، ودعمها المستمر للدول الصديقة، ومواقفها الإيجابية على المسرح الدولي بصفة عامة. بدأت علاقات المملكة بدولة باكستان منذ تأسيسها بعد انفصالها عن الهند، واستمر هذا التعاون والتقارب في المواقف الدولية يزداد تطورًا يدفع به تبادل المصالح المشتركة بين البلدين. الهند إحدى دول البريكس (الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا، روسياوالصين) التي تتطور اقتصادياتها بشكلٍ سريع، وهي منافس قوي للدول المتقدمة التي سيطرت على الأسواق العالمية خلال القرن الماضي، والمملكة تحرص على الدوام بأخذ زمام المبادرة في توثيق العلاقات والرفع من معدلات التجارة البينية معها لصالح الاقتصاد السعودي. اليابان ثاني اقتصاد في العالم، ولها دور ريادي في عالم المنتجات الصناعية، وخاصة تقنية المعلومات والصناعات البترولية مثل: معامل الإنتاج.. وغيرها من آليات الصناعات الثقيلة الحديثة والمتطورة. وهي أيضًا تشارك المملكة في عدة مجالات ذات الحجم الكبير إضافة إلى عضويتها مع المملكة في دول العشرين.. أكبر وأهم الاقتصاديات العالمية. انطلاقًا من هذه الخلفية البارزة وغيرها من المهام تأتي مبادرة ولي العهد بتوثيق العلاقات مع هذه الدول لتصب في اتجاه ما تبذله المملكة من جهود لتكون لاعبا دوليا فعالا على أسس متينة، تدعمها العوامل الذاتية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية. الميزة التنافسية التي تتمتع بها السعودية في مجالات الصناعات البتروكيميائية والمشتقات الأخرى بالإضافة إلى تصدير الطاقة البترولية والغاز تكون منطلقًا قويًا لكسب حصص أكبر في الأسواق العالمية، وحشد دعم دولي فعّال في مجال الشؤون السياسية، لحل الأزمات التي يشهدها العالم. اقتصاديات الدول الثلاث تعد بتطور ملموس في الشراكة مع المملكة على ثلاثة محاور "التصنيع، والاستثمار المشترك، وتسويق المنتجات"، ومن المتوقع أن تُحفِّز هذه الزيارة دولا أخرى في آسيا للتطلع لزيارات مماثلة تضيف فرصًا أخرى في عدد من المجالات المماثلة. ولي العهد السعودي -الأمير سلمان بن عبدالعزيز- لديه خبرة طويلة في التعامل مع الخارج، وهذه الزيارة لها نكهة خاصة بحكم الظروف الدولية السائدة والمتغيرات السريعة في المنطقة. والحكمة من وراء تحرك المملكة ناحية الشرق في هذه المرحلة تكمن في تعزيز الاقتصاد والتبادل التجاري وتحقيق المصالح العليا للدولة من خلال تنويع التعامل وفق المصالح المشتركة. اقتصاد الهندوباكستان يستفيدان مباشرة من وجود عمالة "هندية وباكستانية" تزيد على مليوني عامل يعملون في المملكة، ومثلهما في دول الخليج الأخرى. وهذه العمالة تقوم بتحويل جزء كبير من مكسبها المادي الذي يُقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات سنويًا إلى بلدانهم؛ كلها تصب في مصلحة اقتصاد هاتين الدولتين.. والمملكة من جهتها تستثمر هذه العلاقات الوطيدة لخدمة المصالح الوطنية والتعاون من أجل أمن واستقرار منطقة الخليج العربي. ومن المتوقع أن يتبع هذه الزيارة زيارات أخرى لدول مهمة مثل الصين وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وماليزيا... وغيرها من دول آسيا، التي تحظى بعلاقات وطيدة مع المملكة العربية السعودية... والله من وراء القصد. [email protected]