مع الغربيين يتحدث بشار الأسد عن الإصلاح والتغيير والديمقراطية، ولكنه يفتك بشعبه ويكذب ويماطل ويفبرك، كما يفعل المتحدثون باسم النظام من بثينة شعبان إلى وليد المعلم مروراً بفيصل مقدادي. هذا السلوك أقنع النائب البريطاني بروكس نيومارك بأن نظام الأسد هو عصابة مافيا. وسأعود لهذه النقطة لاحقا. قبل عدة أيام شن السفير السوري في الأردن بهجت سليمان هجوما عنيفا على صحفيين وإعلاميين عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» واصفاً إيّاهم بالمرتزقة والأميين والعاطلين عن العمل وقال: إنهم مجرد أبواق خافتة ليس لديها أي تأثير على أرض الواقع وتحدّاهم بأن يستطيعوا أن يُؤثّروا على الوضع الراهن في سوريا في ظل وجود فضائيات تبث بشكل محايد بخصوص ما يحصل في سوريا. أليست هذه لغة مافيوزية بامتياز لا تقبل وجهة نظر الآخر ولا تقبل الانتقاد. وسؤالي لسعادة السفير: إذا لا يستطيع هؤلاء التأثير على الوضع الراهن بسوريا، فلماذا تضيع وقتك في مهاجمتهم؟ لماذا لا تتجاهلهم؟ والمقال التالي يتناول ما كتبه برلماني بريطاني عن عصابة دمشق. وصلني قبل أيام من صديق سوري رابط لمقال ظهر في صحيفة بريطانية واسعة الانتشار هي الميل أون صندي عدد 9 يونيو. كاتب المقال النائب المحافظ بروكس نيومارك التقى بشار الأسد خمس أو ست مرات بين عام 2006 و2011. ويقول نيومارك: «عندما سألت بشار عام 2011 ما هو أهم أهدافه السياسية أجاب: بقاء النظام». وهذا يتناقض مع تصريحاته المتعلقة بالإصلاحات السياسية. والآن بشار لديه استعداد قتل الشعب بأكمله لحماية عائلة الأسد. هذه ليست كلماتي بل كلمات نائب بريطاني زار بشار وجلس معه عدة مرات. وعندما سأله نيومارك: لماذا يؤيد حزب إرهابي مثل حزب الله (في نظر الغربيين حزب الله حزب إرهابي) كان جوابه على هذا السؤال فاضحاً وصريحاً حيث قال: «استعملنا حزب الله ليُحارب إسرائيل بالوكالة والنيابة عنّا) نحن لسنا أقوياء عسكرياً لنواجه إسرائيل، لذلك من الأفضل أن نستعمل حزب الله لهذه الغاية. أيضاً، لم يُعبِّر عن أي ندم عندما سأله النائب نيومارك: لماذا سمحت للمتمردين بدخول العراق من الأراضي السورية أثناء حرب العراق لقتل الجنود الأميركيين والبريطانيين؟ كان جواب بشار غريبا ولا يعكس أي نضج سياسي حيث قال: «إذا أراد هؤلاء المتمردوين أن يموتوا على أيدٍ أميركية وبريطانية فهذه رغبتهم. وإذا لم أسمح لهم بدخول العراق سيثورون ضدي، ودعني أذكرك بما قلتُ سابقا: بقاء النظام واستمراره أهم شيء عندي». وتعليقي هنا أن الإرهابيين والجهاديين الذين أرسلهم الأسد للعراق قتلوا من العراقيين أضعاف الذين لاقوا حتفهم كنتيجة للعمليات العسكرية ألأميركية والبريطانية. ويتأسف نيومارك أن بلدا جميلا مثل سوريا تتحول إلى صومال بسبب غباء النظام. ويقول: «سأعمل جهدي لإقناع الحكومة بمد السلاح للمعارضة للتخلص من طاغية يقتل شعبه من أجل البقاء في السلطة». وأضاف نيومارك محذِّرا: إن عدم التدخل الغربي سيؤدي إلى مقتل 200 أو 300 ألف سوري في الشهور المقبلة، وكرر أن الجيش السوري الحر يحتاج إلى أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ لإسقاط الطائرات، لكي لا يكون هناك حرب من جانب واحد. واختتم نيومارك مستنتجاً: «في الواقع سوريا دولة مافيا، وهذا واضح من موقف بشار المزدوج، حيث يتحدث عن الإصلاح مع القادة الغربيين ويستعمل السلاح ضد شعبه». «وإذا لم نفعل شيئاً فإن 20 مليون سوري سيواجهون الإبادة». وتعليقي.. أننا نعرف منذ سنوات أن نظام دمشق هو نظام بوليسي قمعي ومخابراتي ومافيوزي، ولكن أن يستنتج ذلك نائب بريطاني بعد عدد من اللقاءات مع بشار هو أمر يثير الاهتمام. أما قرار أوباما المتأخر بتسليح المعارضة فقد يقلب المعادلة ضد عصابة دمشق. الامارات العربية المزيد من الصور :