تحدث النائب البرلماني البريطاني المحافظ بروكس نيومارك عن لقائه الرئيس السوري بشار الاسد وعن فحوى الحوار الذي دار بينهما، مبيناً التناقضات التي يعيشها (بشار) والصورة المزدوجة التي يعيشها بين ما يظهره للعالم ونواياه الحقيقية المتمثلة في بقاء النظام كاولى اهدافه.. يقول النائب البريطاني عن لقائه الاسد: التقيت الرئيس الأسد لأول مرة خلال رحلة إلى دمشق في عام 2006،بترتيب من السفارة السورية في لندن. وتم اللقاء في منزله المتواضع بعيدا عن قصره الفخم الذي يستقبل فيه معظم الشخصيات المرموقة. ورغم أن اللعنات تكال له من كل جانب لتعمده ذبح شعبه، إلا أن الأسد يتحدث بنعومة. كما أنه صريح ومباشر ولم يهتم البتة وأنا أبادله نفس القدر من الصراحة، ودعاني لتكرار زيارتي له وكانت آخرها لدى اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. والتقيت الأسد عدة مرات على مدى خمس سنوات ودائما ما كان يتم اللقاء على انفراد(كما حظيت بلقاء مدهش مع زوجته أسماء، وعلى انفراد أيضا، وسأعود إلى هذا اللقاء لاحقا). لقد كانت إجابات الأسد على أسئلتي إرشادية أو قل تعليمية، بل كانت أحيانا صادمة في صيغتها الصريحة.فعندما سألته عن أكثر الأهداف أهمية لديه أجاب في كلمتين قائلا: "بقاء النظام".. ويتقاطع هذا القول تماما مع تصريحاته العلنية حول الإصلاح السياسي. لقد قلت له أن هناك تناقضا بيناً بين الإصلاح وبقاء النظام، بيد أن لسانه عجز عن الإجابة على هذا السؤال. وكما يشير مسار الأحداث الآن، فان الأسد يسعى إلى تدمير سوريا تماما وقتل شعبها بأعداد كبيرة لحماية أسرته. ويؤكد الواقع الآن أن سوريا أصبحت دولة مافيا، ويتأكد هذا من ثنائية مواقف الأسد. فعندما قال للزعماء الغربيين انه يرغب في إصلاح سياسي، فإنني أجد نفسي على قناعة بان جزءا من الأسد كان يعني ذلك. ولكن عندما ينغلق الباب وينقلب إلى أهله وتحيط به خاصته، فان بقاء النظام بأي ثمن يصبح هو الأهم لديه. وسألته أيضا لماذا يؤيد حزب الله الإرهابي اللبناني، كما تبين في الأسبوع الماضي. وكان الدعم العسكري من قبل حزب الله للأسد قد لعب دورا مفصليا في تمكين قواته من استعادة بلدة القصير من أيدي الجيش السوري الحر. وفي إجابة تدهشك بما تنطوي على صراحة ممعنة في القسوة، لم يحاول الأسد أن ينكر تأييده لحزب الله واعترف بأنه يستخدمه كوكيل عنه لمهاجمة القوات الإسرائيلية. وقال في هذا الصدد:" أنا ضعيف اقتصاديا وعسكريا. إنهم أكثر منعة وقوة مني. ومن المعقول استخدام حزب الله للضغط على إسرائيل." وكان الأسد ابعد ما يكون عن الاعتذار عندما أجابني على سؤال حول لماذا سمح للمسلحين بالعبور بحرية لمهاجمة القوات الأميركية والبريطانية خلال الحرب العراقية. قلت له:" كنت تعلم أن من سمحت لهم بعبور حدودكم كانوا متجهين لقتل جنودنا" أجاب الأسد بطريقة عملية قائلا،" إذا كانوا يرغبون في أن يلقوا حتفهم على أيدي جنودكم فهذا شأن يخصهم هم. وإذا لم اتركهم يذهبون فإنهم ربما كانوا سينقلبون عليّ ويشعلون ثورة للتخلص مني. تذكر ما قلت لك آنفا: بقاء النظام هو أهم شيء بالنسبة لي".. وبعبارة أخرى، خشي الأسد أن يصوب أولئك أسلحتهم وقنابلهم على حكومته المتهالكة إذا لم يسمح لهم بالعبور. فالأمر بالنسبة للأسد دائما وابدأ لا يخرج عن دائرة بقاء النظام. ومن المؤكد أنني لن انسى الحديث المدهش الذي أجريته مع زوجته في مطلع عام 2011. لقد التقيتها على انفراد أيضا في بيتها الخاص في دمشق. وأثناء تناولنا الشاي قالت أسماء شيئا استثنائيا بحق وحقيق. وكما توقعت كانت الزوجة حريصة كل الحرص على التحدث عن أجندة بعلها الإصلاحية. قلت لها إنني التقيت الأسد عدة مرات وانه رغم حديثه المتكرر عن الإصلاح إلا انه لم يفعل شيئا على ارض الواقع. قلت لها إن بإمكان الأسد أن يكون على شاكلة اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة من خلال إجراء إصلاح سياسي حقيقي وان يتنازل عن السلطة لتتم الإشادة بانجازاته. والواقع أنني لم أتوقع الإجابة التي صدرت عنها حيث قالت:" هذا ما آمل أن يفعله: أن يتولى السلطة لفترة رئاسية تالية ثم يتقاعد." غير أن كل أمل في ذلك تبدد الآن. وعندما وصل الربيع العربي إلى سوريا، لم يدهشني أن يستجيب النظام السوري بتلك الطريقة التي لا تعرف الرحمة. وما أدهشني حقا سرعة اندلاع الحرب الطائفية والتقدم الذي أحرزته المعارضة. لقد أخذت هذه الدولة التي كانت تتمتع بالجمال تتفكك بسرعة لتتحول إلى " صومال البحر المتوسط". إنني أتفهم مخاوف البعض، ومن بينهم زملائي النواب البرلمانيون في حزب المحافظين، والذين يرون بعدم تسليح الثوار السوريين لمساعدتهم على إسقاط نظام الأسد، وانه لا ينبغي أن نُجرْ إلى عراق أو أفغانستان أخرى. ولكني على قناعة تامة بأن كل أولئك على خطأ، ذلك أن سوريا ليست كالعراق. ففي العراق لم تكن هناك أسلحة كيميائية. أما في سوريا فإننا نعلم يقينا أن الأسد قد استخدم مثل هذه الأسلحة. إننا أرسلنا آلاف الجنود إلى العراق ولكن لم يقترح أي شخص إرسال ولو جندي واحد إلى سوريا. كما أن سوريا ليست كأفغانستان. إنها اقرب إلى ليبيا أو البوسنة حيث يعمل ديكتاتورا وحشيا في شعبه تقتيلا ليبقى على سدة السلطة. لقد تم قتل حوالي 100,000 شخص حتى الآن بينما فر نحو 1.1 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة. ويبلغ عدد النازحين داخليا حوالي 7 ملايين. ومن جهة لدينا نظام الأسد وفي إمرته 300,000 جندي جيد التسليح ومعهم الشرطة السرية المعروفة باسم الشبيحة، و16000 قطعة من المدفعية الثقيلة، ودبابات، وسلاح جو يهيمن على الأجواء بحرية. ويجد هذا النظام دعما كاملا بالمال والسلاح الإيراني والروسي بالإضافة إلى 7000 مقاتل من حزب الله. وبالمقابل لدينا قوة من الثوار متشظية وضعيفة تتألف من 35,000 مقاتل يتسلحون بأسلحة صغيرة ويقاتلون باسم الجيش السوري الحر. ومع ذلك فان الغرب يراوغ خائفا من تكرار تجربتي العراق وأفغانستان. غير أن 20 مليون سوري يواجهون خطر الإبادة الجماعية. وإذا لم نفعل شيئا فإننا سنشهد مقتل 300,000 بدلا من 100,000 بعد عام من الآن. وتهدد روسيا بإرسال صواريخ ارض جو طراز "أس- 300" وأخرى مضادة للسفن. وهذه لا تشكل تهديدا لإسرائيل فحسب بل معها الأسطول الغربي في البحر المتوسط. لذا فإن الثوار السوريين بحاجة عاجلة إلى صواريخ ارض جو خاصة بهم بالإضافة إلى صائدات دبابات حتى تتوفر لهم فرصة للانتصار. وتستطيع بريطانيا – وينبغي عليها- أن تزودهم بهذه الأسلحة، وبإمكاننا أن ندربهم على استخدامها في الأردن وتركيا. آمل التوصل إلى حل سلمي لهذا الصراع الدموي. وإذا لم يتيسر ذلك فلا بد من رفع الحظر عن السلاح بغرض إرسال رسالة قوية للأسد بأن الحرب التي يدور رحاها الآن لن تعود حربا أحادية الجانب.