هذه العبارة يقولها بعض إخواننا إذا ذكر اسم الكلب في معرض حديثه فيقول (الكلب.. الله يعزك فعل كذا وكذا) وهم يفعلون ذلك من باب الأدب والذوق بزعمهم ، وليس ذلك بصحيح فنحن لو فتشنا التاريخ منذ بداية الخليقة بل وحتى يرث الله الأرض ومن عليها لن نجد أحدًا كرسول الله صلى الله عليه وسلم أدبا وذوقا ، كيف لا وهو الذي جاءته تزكية رب العالمين من فوق سبع سموات في آيات تتلى إلى يوم القيامة قال تعالى( وإنك لعلى خلق عظيم ) وقال عليه الصلاة والسلام( أدبني ربي فأحسن تأديبي) ولو استعرضنا الكتاب والسنة لما وجدنا هذه اللفظة أو غيرها قرنت مع لفظة الكلب واليك بعض هذه الأمثلة : قال تعالى (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ) وقال تعالى( وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيد) وقال تعالى (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) قال الإمام الطبري في تفسيره(9 / 549) عن ابن عباس قوله:»وما علمتم من الجوارح مكلبين»، الجوارح: الكلاب والصقور المعلَّمة. ومن السُنة : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ» وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ» وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ» وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا، فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى..... الحديث) بل في نفس الحديث (فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ «، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» فلفظة الكلب في النصوص السابقة وفي جميع نصوص الكتب والسنة بل وآثار السلف الصالح ليس فيها ما يزيده بعض الناس بقولهم (الله يعزك) قد يقول قائل: إنما نفعل ذلك ذوقا واستحسانا ، وحينذاك يكون هذا القائل وقع فيما حذر منه العلماء من منع الاستحسان بالهوى ، قال الشافعي رحمه الله :» من استحسن فقد شرَّع» نهاية المطلب في دراية المذهب (18 / 473). قال شمس الدين الأصفهاني(المتوفى سنة 749ه) في بيان المختصر (3 / 280):قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « مَنِ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ «. أَيْ فَقَدْ وَضَعَ شَرْعًا جَدِيدًا. قال فخر الدين، ابن الدَّهَّان (المتوفى: 592ه) في كتابه تقويم النظر (3 / 97):وَالِاسْتِحْسَان ثَلَاث مَرَاتِب( ثم قال ) الثَّانِي: مَا يقطع بِهِ لهواه وَهَذَا لَا يجوز إِجْمَاعًا. وإذا علم هذا فما هو العيب وما هي النقيصة إذا قلت : فعل الكلب كذا بدون كلمة (الله يعزك ) ؟ فكتاب ربنا جل وعلا ذكر الكلب بدون هذه اللفظة وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وآثار السلف الصالح كذلك. وفق الله القراء الكرام لما يحبه ويرضاه.