شكل الأدب المهجري بشقيه «الشمالي» و»الجنوبي» ظاهرة إبداعية لافتة للنظر فمنذ بداية القرن العشرين الميلادي أو منذ بداية توافد المهاجرين إلى: أمريكا، الأرجنتين، البرازيل وشكلوا مدرستين: (1) مدرسة المهجر الشمالية: وتضم أسماء شعراء عظام منهم: «جبران خليل جبران»، «إيليا أبو ماضي»، «نسيب عريضة»، «ميخائيل نعيمة»، «مسعود سماحة»، «رشيد أيوب» .. وغيرهم. (2) مدرسة المهجر الجنوبي: وتضم أسماء شعراء عظام مثل: «إلياس فرحات»، «رشيد سليم الخوري» (الشاعر القروي)، «قيصر سليم الخوري» (الشاعر المدني)، «جورج صيدح»، «جورج صوايا»، «شكر الله الجر»وأخوه «عقل الجر»، آل معلوف الأربعة «شفيق»، «ميشال»، «رشيد»، «فوزي»، وآل قنصل «الياس»، «زكي». لكن شاعرًا واحدًا من هاتين المدرستين كان الأبرز في مدرسته، فعلى رأس المدرسة الشمالية كان يقف الشاعر العظيم: (إيليا أبو ماضي)، وعلى رأس المدرسة الجنوبية كان يقف الشاعر العظيم: (إلياس فرحات). * إيليا أبو ماضي: تميز بشاعرية نادرة وكان تشكيله الشعري يمثل ريادة في الشعر الحديث، ومضامين شعريه إنسانية خالصة - وكل شعراء المهجر- مضامين أشعارهم «إنسانية محضة» تصور وضح الإنسان وتخاطب الطير والزهرة، وكان شعر إيليا أبي ماضي يمتاز بخاصية الدعوة إلى «التفاؤل» ونبذ «التشاؤم». * الياس فرحات: كان شعره يتميز بتلك النكهة الكلاسيكية التي تجعل منه محاكيًا للشعر العربي الأصيل ولكن بروح تجديدية وقصيدته (يا عروس الروض) تعد قصيدة نادرة بمضمونها الوجداني الذي يستدعي (الطير/ الحمامة) ليكون مرسول محبة، ولتصبح (الحمامة) هنا «معادلًا موضوعيًا» للشاعر المحب، هذا فضلًا عن روحها التجديدية حيث جاءت في نمط شعري مبتكر وغير مسبوق... حيث جعلها الشاعر «الياس فرحات» في تشكيل شعري يقوم على (ثلاث تفعيلات) ثم (تفعيلة واحدة) وينتظم التفعيلات الثلاث إيقاع واحد، والتفعيلة الواحدة ينتظمها (إيقاع واحد) مختلف و من أبياتها: يا عروس الروض يا ذات الجناح ... يا حمامة سافري مصحوبة عند الصباح ... بالسلامة واحملي شوق محب ذي جراح ... وهيامة لقد كان «إيليا أبو ماضي» و»إلياس فرحات» أعظم شاعرين في مدرسة شعرية تسمى (مدرسة المهجر) كل شعرائها عظام.. مدرسة عانت من الظلم والتعتيم الشيء الكثير مع إنها هي التي رسمت حركات التجديد التي جاءت -فيما بعد- في الشعر العربي الحديث.