تعاملت قصيدة المهجر مع القصيدة العمودية ولكن بشكل مختلف، ونكهة جديدة على يد شعرائها الكبار في الشمال: إيليا أبوماضي، نسيب عريضة، ورشيد أيوب، وجبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة - في بداية مشواره الإبداعي - ومسعود سماحة... وغيرهم. وفي الجنوب: إلياس فرحات، رشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) وأخوه: قيصر سليم الخوري (الشاعر المدني)، جورج صيدح، شكرالله الجر، جورج صوايا، آل المعلوف (شفيق - رشيد - ميشال فوزي) آل قنصل (إلياس، وزكي).... وغيرهم. تعامل هؤلاء الشعراء العباقرة من المهجرين في الشمال والجنوب مع القصيدة العمودية بشكل مبتكر وفجروا من خلالها أنماطًا شعرية رائعة وقادوا فيها حركات تجديدية على يد جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، ورشيد أيوب - في الشمال - حيث غلب على شعراء جنوب المهجر التمسك بقالب القصيدة العمودية مع نمط تجديد لا يخفى.. أما شعراء مدرسة «أبولو» الذين تلوا المهجرين فقد أخذت القصيدة العمودية على أيديهم نكهة مبتكرة على يد علي محمود طه، وأبي القاسم الشابي، وأحمد فتحي، ومحمود حسن إسماعيل، ومحمود أبو الوفا باستثناء إبراهيم ناجي الذي ظل إلى حد كبير متمسكًا بالأسلوب الكلاسيكي الشعري العربي القديم.. وبعد مدرسة المهجر، وأبولو.. ظهرت قصيدة التفعيلة على يد فرسانها العظام: السياب، نازك، البياتي، عبدالصبور، الفيتوري، حجازي، درويش، ودنقل فكأن آخر عصور القصيدة العمودية كان على يد مدرسة المهجر ومدرسة أبولو..!! ولذا فالقصيدة العمودية بعد ذلك تبدو عادية باستثناء بعض المحاولات على يد محمود درويش والقصيدة لا تتصل بعمودي الشعر ولا بشعر تفعيلته بل بالشاعر، فكأن الشاعر القوي قد انتفى وجوده كما انتفى من عصور الانحطاط... وجاءت قصيدة التفعيلة لتخطف الشعراء إلى ساحتها وليشعروا بصدق ماذا تحتاج القصيدة من شكل لكي تكون جديدة تكسر قوالب النمطية وقيد القواعد العروضية..!!