رغم بذل الحكومة الأردنية جهودًا كبيرة لثني جماعة الإخوان المسلمين عن قرارها بمقاطعة الانتخابات النيابية التي بدأت أمس الأربعاء، فإن الجماعة أصرت على موقفها، وباءت جهود الوساطة من قبل بعض السياسيين بالفشل، الأمر الذي بات يهدد طبيعة العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية التي رفعت من منسوب غضبها، وأصبحت تهدد النظام بما لا يحمد عقباه. وفيما يتهم الإخوان المسلمون بأن الحكومة تدير انتخابات كسابقاتها التي بحسبهم اشتهرت بالتزوير والتلفيق، إلا أن رئيس الوزراء عبدالله النسور، أكد أن الانتخابات نزيهة بالمطلق وأن الحكومة وأجهزتها الأمنية والمدنية لن تتدخل فيها وأن مسؤولية إدارة الانتخابات والإشراف عليها هي مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخابات. وقال إن «البرلمان السيء يشكل عبئا على الوطن». ولفت إلى أنه لا يجوز أن تكون هناك أزمة في العلاقة بين الحكومات والبرلمان ويجب التأكيد على مبدأ فصل السلطات كما حدده الدستور. وبين النسور أنه لا يوجد بالديمقراطيات على مستوى العالم اليوم فكرة أو توجه لمقاطعة الانتخابات، مضيفا أن الديمقراطية تعني العمل من تحت «القبة»، وأن ساحات المظاهرات والاعتصامات وأن كانت ايجابية، إلا أنها تبقى طرقا للتعبير عن الرأي وليست أدوات للتغيير. واعتبر رئيس الوزراء، قبة البرلمان «مصنع القرار والتغيير». واعتبر رئيس الوزراء أن الأسابيع القليلة المقبلة ستشكل محطة مهمة جدا في تاريخ الأردن السياسي. في المقابل، قال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد إن الحديث عن إصلاحات أو إجراءات أو تعديلات في القوانين والتعديلات الدستورية، هي عبارة عن تعديلات في الهواء ولا تصيب صلب العملية السياسية. وأضاف: «لا يمكن أن نقول ان الأردن أصبح بموجب هذه التعديلات يسير نحو التحول الديمقراطي، فالمطلوب تحول ديمقراطي حقيقي يعيد السلطة إلى الشعب، فالشعب سلبت سلطاته منذ عشرات السنوات، وفرضت عليه وصايات سياسية وأمنية ومخابراتية، ولا بد للشعب أن يستعيد سلطاته ولا بد لهذه الوصايات أن ترتفع». وأشار إلى أن الأردن يعاني من مديونية كبيرة وضخمة ومن عجز مستمر وأيضا عدم القدرة على محاسبة الفاسدين والمفسدين، وكل ذلك لغياب إرادة الشعب وغياب الإرادة السياسية الجادة والحقيقية في الإصلاح. وحول مقاطعة جماعته للانتخابات النيابية، قال بني ارشيد إن انتخابات بهذه المواصفات وهذه المعطيات وهذه القواعد الحاكمة للعملية الانتخابية لم تعد مجدية، ولا تعبر عن إرادة الشعب الأردني، وثبت فشلها في إنتاج مجالس نيابية للقيام بأدوارها الدستورية في الرقابة والتشريع، ولذلك شهدنا حل مجلس النواب السابق والأسبق». وأضاف أن «مصير المجلس القادم، لن يكون بعيدًا عن مصير المجالس السابقة، لذلك نحن قاطعنا الانتخابات، ونعتبر كل من شارك فيها هو اجتهاد سياسي نتفق معه في الأهداف أو يتفق معنا بأن قانون الانتخاب لا يصلح لأن يكون قانونًا للتمثيل والتعبير عن إرادة الشعب، ونختلف معه في طريقة المعالجة، وسنكتشف بعد أيام قليلة كم هو حجم الأضرار التي لحقت بالأردن نتيجة هذه الانتخابات». وأشار إلى أن هناك أكثر من 7 أحزاب أردنية معارضة وغير معارضة، مقاطعة للانتخابات، إضافة إلى قطاع واسع من الحركات الشعبية. وقال بني ارشيد: «بالمعطيات الحالية لا الشعب مصدر للسلطات، والنظام ليس نيابيا؛ لأن مجلس النواب غير قادر على ممارسة أدواره الدستورية، ولأن مجلس النواب وانتخاباته يشوبها تزوير كبير جدًا بالاعتراف الذي حصل أو صدر عن المسؤولين، ولأن مهمة التشريع ليست مناطق فقط بمجلس النواب، وإنما هنالك الغرفة الثانية وهي مجلس الأعيان ويعينهم الملك ولا علاقة لهم بإرادة الشعب». وأضاف أن «الأردن السياسي الرسمي منذ أن أنشئ بدوره الوظيفي وهو يستند ويتكئ على القوى الغربية، ثانيا لا يصنع الفوضى أو الاضرابات أو القلاقل، الحركة الإصلاحية في الأردن، بل استمرار النهج السابق. وأكد بني ارشيد أن الحركة الإسلامية تمارس حركة راشدة تطالب وترفع شعار إصلاح النظام وقد توافقت مع نصاب وافر من الحركات الأردنية على هذا الشعار وعلى حراك سلمي مدني راقي، وإذا استمر النظام في إدارة الظهر وعدم الاستجابة، فهذا هو الذي يمكن أن يفجر الأوضاع، وقد شهدنا عند ارتفاع الأسعار في أكتوبر الماضي أن فئات من المواطنين اندفعت إلى الشوارع وبوقت واحد وبطريقة عفوية ورفعت شعار إسقاط النظام».