الاسلاميون في الاردن يستعدون لاستعراض قوتهم في الميدان بعد ايام فقط من تخيير العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني لهم ما بين المشاركة في الانتخابات البرلمانية او البقاء في الشارع وهو الاستعراض الذي يتخوف منه الجميع في البلاد، وذلك بعد ان قررت الجماعة الاسلامية انزال 50 الفا من كوادرها وانصارها الى شوارع العاصمة عمان يوم غد الجمعة. وتعتزم السلطات مواجهة استعراض القوة الاسلامية باستعراض لها عبر القطاعات الشبابية التي اعلنت انها ستواجه مسيرة الاخوان بمسيرة تفوقها مئات المرات من حيث العدد وهو الامر الذي سيقود الى صدامات بين المسيرتين اثناء انطلاقهما من ذات المكان وبنفس الوقت الامر الذي ينذر بعواقب كارثية ان وقع الصدام. شخصيات سياسية اردنية رفيعة من وزن فيصل الفايز رئيس الوزراء الاسبق والسياسي الدولي رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عبدالاله الخطيب حاولا نزع فتيل الازمة بين السلطة والجماعة الاسلامية غير أن جهودهما باءت بالفشل رغم ان الفايز قدم تنازلات حكومية كبيرة لقيادات الاخوان الذين رفضوا بدورهم هذا التنازل قاطعين جهود الوساطة برسالة مفادها ان «قواعد اللعبة تغيرت». الفايز كشف انه عرض على الحركة الاسلامية صوتا ثالثا في قانون الانتخاب فضلا عن الصوتين الموجودين في القانون مع مراعاة ان الاصلاح يتم بالتدريج ولا يمكن فرضه على الدولة وقال لهم: عليكم القبول بما هو مطروح وبعد وصولكم الى البرلمان تجرون التعديلات التي تريدونها. وبعد قطع الطريق على وساطة الفايز تداعت قيادات الاخوان الى اجتماع عاجل توافقت خلاله على استعراض القوة عبر الشارع عبر تنظيم تظاهرة قوامها 50 الفا تنطلق تحت شعار «جمعة انقاذ الوطن» وما لبثت الجماعة ان غيرت اسمها الى «الزحف المقدس». نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد اعلن صراحة ان قواعد اللعبة السياسية للاخوان المسلمين تغيرت وانها ستعيد هيكلة مطالبها الاصلاحية، ولفت الى ان الجماعة حشدت لمسيرة ضخمة ونسقت مع جميع «الحركات» في مختلف مناطق المملكة للزحف الى عمان للمشاركة في هذه المسيرة المتوقع ان يشارك فيها 50 الفا على الاقل والتي ستنطلق غدا (الجمعة). ونفي الرجل الثاني في الجماعة الاسلامية ان يكون هدف المسيرة الاستقواء على الدولة وانما ايصال رسالة واضحة للنظام لرفض الشارع لمحاولات الالتفاف على مطالب الاصلاح واجراء الانتخابات البرلمانية خارج الارادة الشعبية. من جانبه اتهم المتحدث باسم الحكومة وزير الاتصال والاعلام سميح المعايطة جماعة الاخوان المسلمين بالسعي لإعادة هيكلة النظام السياسي في البلاد عبر الاصرار على تعديلات دستورية تطاول صلاحيات الملك لافتا الى انه من الوهم الاعتقاد ان سبب مقاطعة الانتخابات المقبلة ونزولهم للشارع هو فقط للاحتجاج على قانون الانتخاب وارتفاع الأسعار بل الإصرار على ادخال تعديلات جذرية على الدستور. منسوب التوتر بين الجماعة الاسلامية والنظام شهد خلال الثلاثة ايام الماضية ارتفاعا كبيرا بعد ان شكلت الجماعة المجلس الاعلى للاصلاح وحمل بيان المجلس الاول، النظام كامل المسؤولية، ازاء ما يحدث من كوارث سياسية واقتصادية مؤكدا ان ذهاب النظام الى انتخابات «مزورة» سيفاقم الازمة. وحسم المجلس المكون من مكتبي جماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي التنفيذيين خياره بالقول «اذا خيرنا بين اعادة تجربة الانتخابات المزورة الفاشلة بحجة المساهمة بالاصلاح والبناء من خلال المشاركة او الاستمرار بالتواصل مع الجماهير الاردنية والفعل الشعبي في الشارع فاننا بلا تردد نختار الفعل الشعبي السلمي حتى يتحقق الاصلاح المنشود وتتولد الارادة المفقودة». واستهجن البيان رقم واحد تخيير الشعب الاردني بين الفساد والاستبداد والتصادم الداخلي وقال: «لا يجوز باي حال من الاحوال حشر المجتمع الاردني بين خيارين اما القبول بالفساد والاستبداد او الذهاب الى التصادم الداخلي وترويع الناس بما يجري حولنا من عنف واقتتال»، ولفت الى ان بديل العنف هو الاصلاح والتوافق السلمي وليس بقاء الحالة الفاشلة في ادارة شؤون الدولة. من جانبه اكد المرشد العام للجماعة همام سعيد ان مقاطعة الانتخابات التي مضت بها الجماعة في الانتخابات الماضية كانت بناء على موقف، اما المقاطعة الان فتهدف الى تغيير بنية النظام والطريقة التي تجري على اساسها الانتخابات، مشيرا الى ان الرسائل والوساطات لا تجدي في محاولة تغيير موقف الحركة الاسلامية ما لم تلب المطالب المبدئية التي يجمع عليها الشارع. الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين حمزة منصور استنكر مباركة بعض السفارات الغربية لاستدارة النظام عن الاصلاح، لافتا الى ان الاصلاح الذي تسعى اليه الحركة الاسلامية وبالمشاركة مع كل القوى الوطنية هو الاصلاح الذي ينبت من ارض الوطن وينشأ على ارض الشعب ولا يستند الى اية امتدادات خارج الحدود، وقال ان الاستقواء بمواقف بعض السفارات الغربية والاكتفاء بشهادة مجروحة من السفير الامريكي في الاردن بكفاية ما تم من اصلاحات لا يشكل ادنى درجات الشرعية ويعتبر استمرارا لفرض الوصاية الاجنبية. وقال ان تزوير ارادة الاردنيين مجددا جريمة مغلظة تتقدم ببشاعتها على كل انواع الفساد المالي والاداري معلنا ان يد الحركة الاسلامية ممدودة مع بقية القوى الوطنية المخلصة للتوافق على برنامج اصلاح وانقاذ يحقق للاردن استقرارا وامنا ويجنبه مآسي غيره من الأخطار في المنطقة، لافتا الى ان اللحظة الراهنة هي الفرصة المناسبة للإصلاح، مشيرا الى ان كل ما يقال عن نوايا الاصلاح في المستقبل بحجة عدم جاهزية الشعب ما هو الا تهرب من استحقاق الاصلاح من جهة ويشكل اساءة لقدرات الشعب ووعيه من جهة اخرى، وتساءل: «اذا صحت نوايا الاصلاح فلماذا لا يتم تضمين النصوص الضامنة لحق الشعب باعتباره مصدر السلطات وحقه باختيار ممثليه والسلطة التنفيذية ضمن الدستور». وقال ان الحركة الاسلامية كرست نفسها لتحقيق مصالح الشعب الاردني وشكلت المجلس الاعلى للاصلاح لتدفع باتجاه تغيير حقيقي في قواعد واصول الاداء السياسي بحيث يضعنا على مسار التحول الديمقراطي ويرفع الوصاية السياسية والامنية عن ارادة الشعب الاردني حتى يكون مصدرا للسلطات وصانعا للقرارات. وبحسب منصور يتضمن المشروع اعادة الاعتبار للشعب الاردني ليكون مصدر السلطات بانتخابه لمجلس الامة بشقيه الاعيان والنواب وتشكيل حكومة الاغلبية البرلمانية ذات الولاية الدستورية العامة والمسؤولية الكاملة عن كل الاجهزة التنفيذية في الدولة ووفقا للمهام التي حددها الدستور وفصلها القانون وعدم التدخل في الشؤون المدنية والادارية والسياسية، بما يفضي الى التداول السلمي للسلطة الامر الذي يتطلب اجراء تعديلات دستورية للمواد 34 و35 و36 سعيا لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة. ولفت الى ان حراك الشعب الاردني على مدار عشرين شهرا كان ينتظر وعود الاصلاح التي اطلقها النظام بدءا من محاربة الفساد وتعديل التشريعات بما يتناسب مع تعريف الدستور للنظام السياسي بانه نيابي ملكي وراثي مع ما يستلزم ذلك من تحصين لمكانة مجلس النواب والنص على تكليف الاغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة التي تتلازم فيها السلطة والمسؤولية امام الشعب الذي انتخبها وكلفها بتفويض انتخابي نزيه.