اختلفت المفاهيم والقيم لدى مجتمعاتنا، وتبدلت القناعات وانقلبت رأسًا على عقب، فبعد أن كان المطر يعني "الخير"، وهو حقًا الخير، أصبح في ذهن سكان المملكة وسكان جدة خاصة مرتبطًا بالكوارث والأحداث الدامية والعياذ بالله، مع أن الخير دائمًا كل الخير من الله، والشر من أنفسنا وصنيعة أعمالنا، لقوله تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) النساء 79، "فوبيا" المطر -أو هكذا على الأقل يُطلق عليها- تُجسد حالة الخوف والهلع عند المسؤول والمواطن، فكارثة جدة والتي تكررت أكثر من مرة مازالت تعلق في ذهن المواطن، والمشاهد المرعبة وكأنها فيلم سينمائي يراه كل يوم في منامه ويقظته، هذا بالنسبة للمواطن وبنفس الدرجة - أو بدرجة أعلى - تجد المسؤول يتوجس خيفة من كل جو غائم أو سحابة صيف عابرة حتى باتت تحذيرات هيئة الأرصاد وحماية البيئة شبه يومية لعل بعضها يصيب وإن أخطأت وهو الأغلب فلا بأس. بقدر مأساة كوارث جدة المتعاقبة والخوف من هطول أمطار ولو كانت خفيفة أو متفرقة لأنها تعيد لذهن المواطن تكرار ما حدث، بقدر ما يُرجى هطولها لما فيها من خير كبير من عند الله سبحانه وتعالى ولاختبار جودة تنفيذ المشروعات - والتي كلفت الدولة مليارات الريالات - وقدرتها على تصريف مياه السيول واستيعاب مياه الأمطار وملاءمتها للواقع تفاديًا لما حصل سابقًا. بموجب ذلك تتحدد النتيجة النهائية وتفرز أحد أمرين لا ثالث لهما، إما خلق ثقة جديدة لدى المواطن في مشروعاتنا ومسؤولينا وتصريحاتهم التي لا تفتأ صباح مساء، أو استمرار حالة عدم الثقة وهيمنة صور الفساد وغلبتها على شعارات نزاهة وقاعدة كائنًا من كان. dr.mahmoud @batterjee.com