تشير الإحصائيات الحديثة أن نسبة المدخنات في السعودية قد ارتفعت بشكل مثير للقلق، حيث تجاوزت النسبة 5% من عدد النساء، مما يجعلها الخامسة على مستوى العالم. وقد تتساءل كثيرات منكن: ما الذي يجعل الفتيات يقبلن على التدخين؟! طبعا التساؤل يفترض أن يطرح على أفراد المجتمع عامة، إذ لا يوجد سبب منطقي يدعو إنسانا إلى ملء رئتيه بدخان ملوث بمواد قاتلة! بل ويدفع المال مقابل ذلك! لكن من يتأمل استراتيجيات الشركات المروجة للتبغ لن يستغرب الأمر. فهذه الشركات تربح فقط عندما تزداد أعداد المدخنين في أنحاء العالم. ولذلك نرى دعايات السجائر تملأ المجلات، ويقوم بها ممثلون وفنانون من الجنسين يتمتعون برشاقة وجاذبية، للإيحاء لمن يشاهد الإعلان بأن التدخين قرين للرشاقة والصحة والجمال. ولم تقتصر دعايات السجائر على الإعلانات المباشرة، بل إن شركات التبغ تدفع الملايين لنجوم السينما في مقابل لقطة يختتم بها الفيلم، حينما ينتصر البطل، فيخرج سيجارة ينفث دخانها في الهواء بعد مغامراته البطولية أو الغرامية التي يصعب أن تفوت على عين المراهق او المراهقة. وبالتالي تضمن هذه الشركات زبائن جدد لمنتجاتهم. قامت إحدى شركات صناعة السجائر المشهورة عالميا بالترويج للتدخين بين النساء والفتيات في القرن الماضي من خلال استخدام سجائر رشيقة، روعي في تصميمها مناسبتها لذوق الفتيات. وبالفعل، ترى بعض الجهات الصحية أن هذه السجائر والحملة الإعلانية التي وافقتها كانت سببا في ارتفاع نسبة التدخين بين المراهقات في تلك الفترة. المؤلم أن ترتفع النسبة لدينا، بلا دعايات موجهة، ولكن الدعاية الشعبية قامت بالواجب وأكثر. وذلك حينما تمتدح صديقة أو زميلة التدخين، وتقدم السيجارة لصديقتها لتشاركها المتعة، وما علمت المسكينة أن يدها تمتد لتأخذ مادة قاتلة تدخلها إلى جوفها. فأعداد الوفيات في الدول المتقدمة تتزايد مع انتشار التدخين، وتسير الإحصائيات إلى النساء معرضات لنسب متزايدة من الوفيات نتيجة لذلك. بل إن المراكز الطبية في أمريكا ترى أن التدخين هو السبب الأكبر للوفيات التي يمكن منعها. فهل يستحق الأمر المغامرة، فقط حتى تكوني (كول) مثل صديقاتك المدخنات! عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim