قد مياس وعطر فواح وجمال أخاذ وسحر لا أول له ولا آخر. علامات تجارية ثبت بالحجة والبرهان أن لها مفعول السحر لدى المرأة في شرق المعمورة وغربها، وبالتالي فهي الطريقة الأمثل والأقرب إلى فم المرأة ومن ثم رئتيها مروراً بحافظة نقودها. فبعدما أجهزت شركات السجائر الكبرى على جيوب الرجال وتأكدت تماماً من أنها لم تدخر جهداً في الوصول اليهم، تركز جهدها حالياً على المرأة، ولكن من بوابة أخرى. فبدلاً من راعي البقر مفتول العضلات، ورجل الأعمال منتفخ الجيبين الذي يمضي أمسية جميلة على ظهر اليخت، والسيجارة بين أصابعه، ظهرت المرأة الجميلة الرشيقة المدخنة لسيجارة تضاهيها في الرشاقة والقد المثالي. هذا النموذج الجذاب للمرأة المتحررة التي تشع جمالاً وحسناً وثقة في النفس هو الورقة الرابحة التي تستخدمها شركات السجائر، لا سيما في الدول النامية، ومنها الدول العربية حيث المرأة ما زالت في حالة إثباث للذات. واليوم، ولمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، أطلقت «منظمة الصحة العالمية» تحذيراً إلى كل النساء بتوخي الحذر وعدم الانجراف وراء الصور المركبة المضللة لنساء مفعمات بالحيوية والرشاقة والجمال، وألفاظ تجارية تطلق على السجائر مثل «خفيفة» و»قطران منخفض» وغيرها. ورغم الصورة النمطية السائدة حول المرأة العربية والتي تميل إلى التحفظ، إلا أن معدلات التدخين بين النساء العرب تزداد باضطراد، بما في ذلك الإستخدامات الأخرى للتبغ غير الشكل التقليدي لتدخين السجائر. ولأن المرأة العربية انضمت إلى حلبة السباق نحو الرشاقة، فإن الحملات الإعلانية التي تتبناها شركات السجائر الكبرى في المنطقة العربية والتي تروج لفكرة ارتباط التدخين بالحفاظ على الرشاقة، وأن التبغ رمز لتحرر المرأة واستقلالها يلقى رواجاً كبيراً. هذا الرواج يعبر عن نفسه من خلال الفجوة الآخذة في التقلص بين نسب تدخين الفتيان والفتيات في دول إقليم شرق المتوسط. وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة نسبة تدخين الفتيات في سن الدراسة بلغت 22.4في المئة في الصومال، و26.8 في المئة في سورية، و27.7 في المئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية)، و54.1 في المئة في لبنان. ويبلغ معدَّل التدخين بين النساء البالغات نسباً مرتفعة تصل إلى عشرة في المئة في الأردن، و7 في المئة في لبنان، و6 في المئة في تونس واليمن. كما يشهد إقليم شرق المتوسط ثاني أعلى معدَّل عالمي (تسعة في المئة) لاستخدام الفتيات لمنتجات أخرى للتبغ غير السجائر، والتي تشمل الشيشة والتبغ غير القابل للتدخين (الممضوغ أو المستنشق)، بنسبة تتجاوز 30 في المئة في لبنان، و20 في المئة في الأردن وسورية والإمارات العربية المتحدة والأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية). ورغم المطالبات المستمرة بضرورة تغيير العادات الاجتماعية والصور النمطية التي تظلم المرأة، إلا أن جانباً من التغيير أدى إلى تقبل المجتمعات العربية لتدخين المرأة بشكل أكبر، وإذا أضفنا إلى ذلك الحقيقة العلمية التي تشير إلى أن النساء أكثر استعداداً لإدمان النيكوتين من الرجال، ما يجعل إقلاعهن عنها أصعب، فإن الوضع يبدو مقلقاً للغاية. وحذرت «منظمة الصحة العالمية» نساء العالم، لا سيما في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض من أنهن المستهدفات الرقم واحد في حملات شركات السجائر. وحذرت كذلك من تكرار ما حدث في منتصف الثمانينات عندما أدّت الدعايات والأنشطة التسويقية المكثفة لشركات التبغ إلى ارتفاع نسبة المدخنات في اليابان من نحو 8 في المئة إلى أكثر من 18 في المئة في غضون بضع سنوات. يشار إلى أن المسح العالمي لاستهلاك التبغ بين الشباب أن استخدام الفتيات ما بين عمر 13-15 عاماً للتبغ في تزايد وأن الفجوة بين الفتيات والفتيان أصبحت ضئيلة، وفي بعض الدول يدخن كثير من الفتيات حالياً مثل الفتيان. وتمثل النساء نسبة 20 ٪ من المدخنين الذين يزيد عددهم على البليون مدخن في العالم. وتجدر الإشارة إلى أن محافظة الإسكندرية ستكون أول المحافظات المصرية المحررة من التبغ ودخانه خلال الصيف الجاري، وسيبدأ تنفيذ المنع في المنشآت الصحية، وتليها التعليمية والمصالح الحكومية، على أن يكون في كل مكان يتم إعلانه خالياً من التدخين مسؤول لتحصيل الغرامات من المدخنين.