كلمة "التحرّش" ثقيلة على الأذن، لدرجة أن يستبعدها بعض الآباء، أو يعتقدوا أن أبناءهم بعيدون عنها، أو يتحرّجون من السؤال عما يخصّ الحماية وتوعية الأبناء حولها. لكن رغم ثقل وقعها تفرض نفسها على واقعنا. فعلى الرغم من ندرة الدراسات حول نسبة التحرّش بالأطفال في مجتمعنا إلا أنّه لا يعني أنه لا يقع. والتحرّش لا يقف عن حدّ عمر معيّنة.. فهناك دراسات كشفت أن الذين يتعرّضون له هم دون سن الخامسة وحتى سن الثامنة عشرة متى توافرت لدى إحدى هذه الفئات الجاذبية أو الخجل أو ضعف الشخصية أو البنية الجسمانية. وكثيراً ما يحدث التحرّش من الخدم والمربين والسائقين، والمعلمين والمعلمات، بالإضافة إلى الأصدقاء والأقارب قليلي الدين وأهل الفتن والفساد منهم، والخلاصة أن 85% من المتحرّشين هم من المعروفين لدى الضحية. ومن أسباب الوقوع في هذا الخطر: ان بعض الأمهات يهملن تبديل ملابس الطفل في مكان خاص، مما يجعل الطفل يتعوّد على خلع ملابسه أمام الآخرين؛ فيفقد الغيرة على نفسه أو الخجل من الظهور أمام إخوانه بهذه الصورة. بالإضافة إلى ترك الأولاد للخدم. وضعف الرقابة من الوالدين مع وجود الفضائيات والإنترنت ووسائل التقنية والهواتف الذكية. وللأسف فقد أصبحت هذه المواد في متناول الصغير قبل الكبير. وهناك سبب مهم للغاية يغفل عنه الكثيرون؛ وهو عدم إشباع الحاجة العاطفية للطفل أو الطفلة كالتقبيل والاحتضان والتعاطف معه عند الحزن أو الشعور بالقلق والفرح والتهدئة عند الغضب من قبل الوالدين، الأمر الذي يدفع الطفل المحروم من العاطفة إلى البحث عن هذه العاطفة لدى الآخرين؛ فيقع فريسة للتحرّش. إلى غير ذلك من الأسباب. ولتجنّب فرص وقوع أمر كهذا، ينبغي أن يعي الوالدان ضرورة عدم الثقة المفرطة بالآخرين، وينبغي أن تكون ثقتنا على بصيرة، فلا نمنحها إلا لمن يستحقها، خاصة هؤلاء الذين يكثر تعاملهم مع الأبناء، أو انفرادهم بهم. مع تربية الأبناء على الحياء وستر العورة، وعدم التساهل في ذلك، مع توعيتهم بإمكانية وجود أناس لا يخافون الله تعالى يصدر منهم الاعتداء على الأطفال في مثل سنهم، وتوجيههم إلى التصرف السليم إذا تعرّضوا لمثل هذه الأمور. مع وجود المراقبة والملاحظة بعين الحارس والمتابع والملاحظ. قال -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها". [email protected]