ينتشر في مثل هذه الأوقات من كل عام عند بداية العام الهجري الجديد من بعض النصائح والعوائد من نحو أنه لا بد أن يكون في كل اليوم مبتسما أو يمشي على خضار أو يأكل خضروات كالملوخية وغيرها أو يبدأ يومه بشرب الحليب.. وهو يأتي في ظل التحولات الكبيرة التي نشأت من خلال احتكاك المسلمين بالعالم بكل معتقداته وقيمه وأخلاقه فنجد أنه مع مرور الزمن تتسرب لمجتمعاتنا المسلمة بعض من المعتقدات والسلوكيات التي ربما ربطها البعض بحسن نية بالدين وان هذا ربما أنه قربه ولعله يستجلب به خيرًا ويدفع به ضررًا.. ومنها ما كان يمارسه الناس قديمًا، وما زال بعضهم يفعلها حتى الآن مثل شرب الحليب أو القهوة الحلوة في صباح اليوم الأول للعام الهجري الجديد لتصبح قلوبهم بيضاء، وأكل الملوخية في طعام غداء أول يوم في السنة حتى تكون ألسنتهم خضراء جميلة ويفترش بعضهم السجاد الأخضر ويمشي عليه حتى تكون سنتهم ربيعا بحسب زعمهم. ! حول ذلك التقت «المدينة» بعض الدعاة والمختصين في العقيدة، لاستجلاء رؤاهم، وما يقدمونها من نصائح للوقوف على حقيقة الأمر. - فيقول الداعية خلوفة الأحمري، مع شديد الأسف يوجد من يروج لهذه القضايا ممن ينتسب للعلم من قديم وحديث ولأن الناس بطبيعتهم يحبون دينهم ويثقون في حملته ربما تنطوي عليهم هذه القضايا سيما اذا ربطه بأن هذه السلوكيات وجد لها أثر عند فلان أو فلانة ما يفعله البعض مع بداية العام من لبس الأبيض وشرب الحليب في أول يوم وأكل الملوخية على الغداء في اليوم الأول والتناصح والسير على ارض خضراء قضايا معتقدات متوارثة بسبب الاحتكاك ببعض الثقافات التي ربما تعتقد في هذه القضايا أما كونها من الدين او ثبتت في سنة سيد المرسلين والسلف الصالح من قديم وحديث فلم يرد هذا ومن اعتقد أنه من الدين فهو واهم وربما دخل بنفسه في دوامة المفتري والمبتدع في دين الله وقد قال صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد فمن الملاحظ من مثل هذه السلوكيات ارتباطها بنوع معين من السلوك التي تمارسها بعض الشعوب واعتقادهم ان لها تأثيرا ما في مسيرة العام وهذا والله من ضعف الصلة بالله ومن ضعف الارتباط بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحذر خلوفة المسلمين من مثل هذه التصرفات لأنها تفسد عليهم دينهم قائلا لم يرد لبداية ولا لنهاية العام شيء يؤثر للعمل به لكن لو خطط الإنسان لنفسه وأسرته وراجع حساباته الخاصة وقرر في نفسه أن يكون هذا العام بخطة استراتيجيه ممتازة فهو حسن. - أما الداعية صالح بن محمد الجبري خطيب جامع أم الخير بجدة فيقول: إن ذلك من البدع التي أحدثها الناس، والحقيقة أن هذه الأفعال لا يؤيدها شرع ولا عقل ؟ ولا علاقة لها بالتفاؤل الذي يظنه البعض، بل هي أقرب إلى التطير والتشاؤم الذي نهى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ ما أدراهم أن سنتهم القادمة ستكون سيئة عليهم حتى يواجهونها بمثل هذه الأفعال المضحكة، ثم لو أنهم كانوا يخشون القضاء فعلا لواجهوه بالوسائل الشرعية ومن أهمها الدعاء لأن الدعاء يرد القضاء كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ومن الدعاء الذي علمنا إياه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قوله: اللهم إنا نسألك من فجاءة الخير ونعوذ بك من فجاءة الشر) ومن ذلك (ونسألك اللهم أن تجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا) ومن ذلك (واصرف عنا شر ما قضيت) ومن ذلك (اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم). وقال الجبري: إن استقبال الأعوام وأقدار الله فيها لا يكون بالهزل واللعب والأكل والشرب والأفعال غير المنطقية ولكن يكون بالاستقامة الجادة على منهج الله الذي يحقق الأمن والأمان والاطمئنان لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقًا) لكنهم يتركون الواجبات التي أمروا بها ويتجهون إلى ممارسة طقوس بدعية وخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم يعتقدون بعد ذلك أنهم قد أدوا ما عليهم من واجبات بتصرفات لا تستند إلى شرع أو عقل أو منطق. - أما الشيخ الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل، أستاذ العقيدة المشارك بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فقال: إن كل هذه الأمور لا أصل لها ولا ارتباط لها ببداية العام الهجري الجديد، فبداية العام الهجري الجديد ليس له أي مظاهر لا دينية ولا دنيوية تميزه إلا البدء في التاريخ وهو اليوم الأول من شهر محرم في العام الهجري الجديد 1434ه وما سوى ذلك مما يحدثه الناس من عبادات أو عوائد يبدأون بها عامهم فكل ذلك لا أصل له إنما هو داخل في البدع المحدثة في دين الله التي ترد على صاحبها كما جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» براوية لمسلم من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد، فالله عز وجل حذرنا من هذه المحدثات تحديثا عاما في قوله تعالى: «أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ» فبعض هذه العوائد متلقاه من التقليد الأعمى لأهل الضلال أو للخرافيين أو للمشركين والكفار، والنبي صلى الله عليه وسلم سد هذا الباب كله بقوله: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» أخرجه أبو داود بإسناد جيد من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما فمن هذه العوائد ما هي فاتحة لباب التنجيم أو النظر إلى المستقبل فقولهم إذا بدأت يومك بالمشي على شيء أخضر أو أكلت شيئا أخضر أو شربت شيئا أبيض كالحليب إن دربك ومستقبلك يكون زاهيا أو أبيض أو نحو ذلك وهذا كله يدخل في التنجيم والكهانة وادعاء علم الغيب في الأمور المستقبلية وهذا ما يقدح في دين المسلم.