تصر موضي الحمد على استقبال أول أيام العام الهجري الجديد بوجبة مكونة من الحليب الأبيض والملوخية الخضراء، كعادة اجتماعيه توارثتها أسر سعودية، تفاؤلاً بأن تكتسي سنتهم الجديدة باللونين الأبيض والأخضر. وتؤكد الحمد أن هذه العادة لا تختص بفئة معينة أو حتى قبيلة، بل وجدتها في غالبية المدن السعودية، التي يحرص سكانها على هذه العادة مع مطلع كل عام هجري. وتشير الحمد إلى دهشتها حين انتقالها إلى مدينة ينبع حيث تعمل معلمة، إذ أحضرت مديرة المدرسة التي تعمل فيها «ترمساً» مليئاً بالحليب الأبيض الساخن، ناصحة المعلمات بمشاركتها في شربه «حتى تكون سنتهم بيضاء». وقالت: «أدركت حينها أننا لسنا الوحيدين الذين يمتثلون لهذه العادة، فالكثير من زميلاتي في المهنة يحرصن عليها، بل إن هناك من صديقاتي اللائي يعشن في المدينةالمنورة يحرصن كثيراً على تقديم قهوة اللوز الأبيض لزوارهن في أول يوم من العام الهجري». وأوضحت أنها عادات اجتماعية تشير إلى التفاؤل بسنه بيضاء مشرقة، مؤكدة أن التفاؤل محمود في الدين الإسلامي، حتى الملوخية الخضراء نعدها كوجبة رئيسة في أول أيام العام الهجري حتى تكون سنة خضراء على الجميع. أما الموظفة في إحدى الشركات ميرفت الطويرقي فتقول ل«الحياة» إن أسرتها تجتمع في الليلة الأولى من العام الهجري الجديد في بيت الوالدة لتناول قهوة اللوز الأبيض، تفاؤلاً منهم بالعام الجديد، مشيرة إلى أنها تحمل معها دلة من تلك القهوة إلى صديقاتها في العمل. وتضيف: «الملوخية الخضراء أيضاً من الطقوس الأساسية التي لا نستشعر دخول العام الهجري الجديد أن نشم رائحتها في بيت الوالدة، ولا أعتقد أن في هذا التصرف بدعة في الدين، بل على العكس أعتقد أنها نوع من التفاؤل الذي يحثنا عليه ديننا الإسلام». ويتفق عمدة حي الهجلة في مكةالمكرمة محمود بيطار على رسوخ عادة شرب الحليب في أول يوم من أيام العام الهجري الجديد، مؤكداً أن هذه العادة لا علاقة لها بالاعتقادات الخاطئة أو البدع السيئة، بل على العكس هي عادات اجتماعيه تدعو إلى التفاؤل بعام أبيض وأيام خضراء. ويضيف: «نرجو وندعو بل نأمل أن تكون سنة خضراء لأن اللون الأخضر يدعو للسلام والتفاؤل والأبيض كذلك، ولذلك نحن نعد عند مطلع كل عام هجري وجبة من الحليب الأبيض والملوخية، وأعتقد أنها عادات حسنة للتفاؤل بسنة جديدة بيضاء، لابد أن يتفاءل الإنسان وهذا ما نشأنا عليه». أم عبدالله وهي من سكان المدينةالمنورة، تشكو تغير الحال عليها حالياً وتقول: «كنت سابقاً أجمع أولادي وبناتي لشرب الحليب وإعداد الملوخية الخضراء تفاؤلاً بسنة جديدة جميلة علينا، غير أنهم اليوم كبروا وتعلموا وأصبحوا يستنكرون صنيعي، حتى إنهم يعظوني قائلين إنها بدعة في الدين لا تجوز». وتؤكد أنها لا ترى في تصرفها بدعة في الدين أو أمراً سيئاً، «بل هي مجرد عادات اجتماعيه توارثناها تفاؤل بالعام الجديد، وأعتقد أن التفاؤل محمود في الشرع» على حد قولها، موضحة أنها لا تزال متمسكة بإعداد الملوخية والحليب حتى في ظل غياب أو اعتراض أبنائها. بدوره، أكد أستاذ نظم الحكم والقضاء عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمحكم القضائي الدولي المعتمد في وزارة العدل الدكتور حسن سفر أن هذه العادة حميدة لا عيب فيها أوإثم. وقال: «الأصل في تصرفات المسلم أن تكون وفق منهج الكتاب والسنة، والعادات بحسب العلماء والفقهاء إذا استساغتها النفوس وقبلتها جائزة، ما لم تصطدم بنص شرعي». وأضاف أن هذا ينطبق على شرب الحليب وإعداد الملوخية مع بداية العام الهجري، فهي موروثات استقرت في أذهان الناس والمجتمعات، فإذا تضمنت محرمات يجب تحريمها، وان اتفقت مع روح الشريعة فلا بأس.