مِنْ المُتّفَق عليه أنّ التجردَ من الممالأة، والتّحَيُّز، والمحاباة، و المحسوبية، و الشخصنة في شُغْل المناصب، في أيّ مجتمع بشري كان، يُجَنِّبُه الكثير من الاضطرابات جرّاء خطورة هذا الاختيار، فهو ظُلْمٌ لأصحابِ الكفاءات، وتمييزٌ يقومُ عادة في بعض المجتمعات البشرية على: صِلَةِ القرابة، والنّسَب، وحينما قال المدير العام للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية (د. عبد الرحمن المديرس) : « إنّ اختيار مَنْ يتولّى المناصب القيادية، في الإدارات والأقسام في تربية الشرقية، يتم بالنظام، وباختيار الكفء المناسِبِ بنسبة مائة في المائة، بعيداً عن الشَخْصنة والمحسوبيات» (صحيفة الحياة، 16 ذو القعدة 1433ه، ص 4) فإنّ هذا يعني ببساطة، أنّ الشخصنة والمحسوبية يعمقان مفهوم عبثية القانون، في أي مجتمع بشري كان، ويعطلان عملية تكافؤ الفرص، ويعمقان الظلم الاجتماعي، فضلا عن غياب قيم العمل، التي وصفها الدكتور محمد بن عبد الله البكر( أستاذ السلوك التنظيمي عضو هيئة التدريس بمعهد الإدارة العامة بالرياض) بأنها» توجد الفساد الإداري، وتشجع المحسوبية» فيما طالبت الاستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ب» اختيار المسؤولين في الإدارات الحكومية، التي لها علاقة بالجمهور، من ذوي الكفاءات، والتعامل الحميد مع المراجعين» و» التأكيد على عدم التمييز في التعامل، وعدم النظر إلى المركز الوظيفي، أو الاجتماعي للشخص». ومن الواضح بعد هذا أنّ أي محسوبية أو شخصنة مرفوضة، وأنّ مَنْ يُبَشِّرُ بهما، أو يقود سفينتهما، يعيث في الأرض فساداً، ينبغي مقاومته والتصدي له، فأخطرُ ما يواجهه أيُّ مجتمع كان، المحسوبية في اختيار المناصب القيادية على حساب الكفاءة، والتأهيل، والخبرات، والتدريب، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وليس ثمة شك أن المحسوبية على حساب القيم الإنسانية، تكرس عقولا عقيمة، وظالمة، تُحَوِّل التعايش الاجتماعي المقبول، إلى علاقة تمزق أوصال أي مجتمع بشري، وفي خضم الإصلاحات المتوالية في المجتمع السعودي، لا مكان للمحسوبية والشخصنة، فَهُمَا ثقافتان مُشَوَّهَتان، كريهتان، تقرعانِ طبول فتنة، تعبث بنواميس الحياة، وتكرس صراعاً اجتماعياً بغيضاً. الشخصنة والمحسوبية في شُغْلِ الوظائف والمناصب، داءانِ مُخَيفَان، في مجتمع وَصَفَهُ الملك عبد الله بن عبد العزيز بأنه» جسدٌ واحدٌ، وروحٌ واحدةٌ، وإرادةٌ صُلْبَةٌ واعية» ويعتمد على ثقافة « إنّ الله لا ينظرُ إلى أجسامِكُم، ولا إلى صُوَرِكم، ولكنْ ينظرُ إلى قلوبِكُم ، وأعمالِكُم». أختمُ برأي للكاتب السعودي المعروف (محمد العصيمي):» إنّ الوظيفة ليستْ هِيَ أنكَ مِنْ قبيلةِ، أو عائلةِ فُلان، أو أنّ أباكَ فلان، وأمك فلانة، الوظيفة أو العمل هي أنْ تحترم نفسك، والآخرين، وأنْ تقدم المُنْتَجَ بأفضل صورة، وأنْ تُحْسِن تقديم الخدمة الموكلة إليك، كي تستحق هذه الوظيفة، وتوابعها، من ترقيات، ومميزات، عُقَدُنا القَبَلِية، والاجتماعية، والشخصية، يجبُ أنْ تتركَ في بيوتِنا، ونحن نتوجه إلى وظائفنا، ومصادر رزقنا» (صحيفة اليوم، 14 ذو الحجة 1433ه، الصفحة الأخيرة) [email protected]