في مدينة صغيرة لا يزيد عدد سكانها على 10 آلاف نسمة تقع في الأطراف الشمالية الشرقية من الولاياتالمتحدة حدثت قارعة طارئة بمقاييس المدينة الصغيرة، مع أنها قد تكون عادية بالنسبة للمدن الكبيرة، المدينة اسمها كينبنك، والولاية من أصغر الولايات مساحة وسكانًا. في المدينة الصغيرة استقرت أنثى وفدت من ولاية أخرى لتفتح مشروعًا تجاريًا للتدريب على تمارين رياضية ذات وقع لاتيني اسمها (زومبا)، ثم ما لبثت أن شرعت في تقديم خدمات (إباحية) باستخدام فتيات مرغمات طوال 18 شهرًا، وكان من عملائها رجال يشغلون وظائف محترمة في المجتمع الصغير الذي يكاد يعرف كل فرد فيه الآخر.. من هؤلاء رجال أعمال ومحامون وعقاريون وغيرهم. وعندما تم القبض على الضالعين في شراء الخدمات المحظورة وعُرضوا على القضاء، حاول المتهمون ثني القاضي المعني عن نشر أسمائهم والاكتفاء بمحاكمتهم سرًا، لكنهم فشلوا إذ أعلن أحد كبار القضاة أن (مبدأ العلانية الذي يحكم إجراءات القضاء أساس لنيل ثقة المجتمع، ولو أن الأشخاص المدانين بجرائم أخفوا هوياتهم، فإن المجتمع لن يكون قادرًا على مراقبة إجراءات التقاضي ليتحقق من استكمال خطوات العدالة، وليتأكد من أن بعض المتهمين لم ينالوا معاملة خاصة). وفعلًا تم الإعلان عن أسماء 21 متهمًا من أصل 150 ستُعلن أسماؤهم تباعًا، وستمثل الدفعة الأولى أمام المحكمة في الخامس من ديسمبر المقبل. مبدأ الشفافية في القضاء يجب أن يكون راسخًا وقويًا وثابتًا، هكذا حال القضاء في العالم المتقدم، والسبب الرئيس هو الإصرار على كسب ثقة الناس إلى أقصى مدى ممكن، ذلك أن التستر على الأسماء يزيد من انتشار الشائعات والتخمينات التي تضر ولا تنفع، وتهز الثقة أكثر مما ترسخها. والأهم من ذلك أن الشفافية -خاصة في إعلان الأسماء- تُعد من أشد الأسلحة الرادعة ضد الفساد والمفسدين، ذلك أن فئة غالبة من المجرمين لا تستحي إلا من الناس، ولا تهتم إلا بسمعتها. وما عدا ذلك فلا يهم. ما جدوى التستر على أسماء أناس ما لم يراعوا حق المجتمع ولم يحفظوا حدوده!! [email protected]