يواصل معرضا «ألف اختراع واختراع» و»جذور عربية» بمتحف الفن الإسلامي بالدوحة فعالياتهما، والذي دشنتهما الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني رئيسة مجلس أمناء هيئة متاحف قطر، حيث شهد الافتتاح حضور خمسمائة شخصية ثقافية محلية وعالمية، وتم اصطحاب الضيوف من خلال المعرض في رحلة إلى العصر الذهبي للحضارة الإسلامية في احتفالية مشهودة بتراث العلوم الحديثة. ويجيء المعرضان تحت عنوان «استكشف الماضي واستلهم المستقبل»، ويفتحان أبوابهما أمام الجمهور حاليًا يوميًا، حيث سيستمر معرض «ألف اختراع واختراع» حتى الثاني عشر من شهر نوفمبر المقبل، فيما سيستمر معرض «جذور عربية» حتى مطلع يناير 2013م. وقد أتيح المعرضان للجمهور برعاية هيئة متاحف قطر ومتحف الفن الإسلامي بالتعاون مع مؤسسة ألف اختراع واختراع وشركة قطر شل. ويأخذ معرض «ألف اختراع واختراع» زواره في رحلة عبر إبداعات علماء العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، بينما يبرز معرض «جذور عربية» تأثير هذه العلوم على الثورة العلمية في أوروبا وعلى أنماط الحياة فيها في القرن السابع عشر، من خلال عرض العديد من القطع الفنية الفريدة والمخطوطات القيمة. وعبّرت ل «المدينة» مديرة متحف الفن الإسلامي عائشة الخاطر عن سعادتها بالمعرضين، قائلة: إننا ندين بتراثنا العلمي الغني للثقافات والحضارات في جميع أنحاء العالم، ومع هذين المعرضين سوف نعيد اكتشاف بعض من جذور الحضارة الحديثة، ومن خلال إعادة إحياء هذا الموضوع وتسليط الضوء على المفكرين القدامى والمعاصرين، فإننا نأمل في تحفيز العقول الشابة وتشجيع الاحترام الذي تستحقه جميع الثقافات. فيما صرّح ثاني بن ثامر آل ثاني نائب المدير العام لشركة قطر شل، بقوله: أشعر كقطري بفخر واعتزاز كبيرين لكوني جزءا من هذه المبادرة، فإقامة هذين المعرضين اللذين ذاع صيتهما عالميًا في قطر من شأنه أن يدفع الشباب القطري للاستلهام من تراثه العلمي الثري والمتنوع والذي أضاء العالم في العصر الذهبي من الحضارة الإسلامية. وأضاف: إن التراث العلمي الذي يحييه هذان المعرضان جزء لا يتجزأ من برنامج شل للاستثمار الاجتماعي الشامل هنا في قطر، ومن دعم شركة شل للركن الاجتماعي في رؤية قطر الوطنية 2030. ويحتفي معرض «ألف اختراع واختراع» بالاختراعات والابتكارات من الحضارة الإسلامية والتي لازال تأثيرها على التكنولوجيا والعلوم ملموسًا حتى يومنا هذا، ويبيّن العديد من الأمثلة عن ذلك، فقواعد التفكير العلمي والتي تعد أساس التقدم التكنولوجي الحديث، تأتي نتاج أعمال الحسن ابن الهيثم من ألف عام مضت. فقد أرسى ابن الهيثم من خلال أبحاثه ركائز علم البصريات ومنها مبدأ التفسير العلمي لظاهرة «الغرفة المظلمة» والذي تُرجم إلى اللاتينية بمصطلح Camera Obscure ولا يزال هذا هو المبدأ الأساسي المستخدم في الكاميرات الحديثة. وقد ترجم العالم الكريموني في العصور الوسطى عددًا من أعمال ابن الهيثم وخصوصًا كتاب «المناظر» الذي كان له عميق الأثر في أفكار العلماء في أوروبا استمر إلى القرن السابع عشر كما يبيّن معرض «جذور عربية». وابن الهيثم هو واحد من العلماء الرواد الذين يستعرض إنجازاتهم هذان المعرضان، كما يتعرّف الزوار على واحد من أعظم المهندسين وهو الجزري مخترع ساعة الفيل البديعة وبعض الآليات التي ما زالت تُستخدم حتى الآن في الكثير من الآلات الحديثة. كما سيكتشف الزوار الثورة التي أحدثها الطبيب الأندلسي الزهراوي في عالم الجراحة بإدخال أدوات وطرق جراحية مبتكرة، زاد عددها على مائتي أداة، منذ أكثر من ألف عام مضت ولازالت تُستخدم حتى اليوم في مستشفياتنا الحديثة المتطورة. كما يتعرّف الزوار على المرأة الشابة فاطمة الفهري مؤسّسة أول جامعة حديثة في التاريخ والتي كانت توفر التعليم المجاني للرجال والنساء، بغض النظر عن الخلفية التي ينحدرون منها. وأوضح أحمد سليم مدير ومنتج ألف اختراع واختراع بأن الحضارة الإسلامية امتدت من جنوباسبانيا إلى الصين، وأنه لفترة ألف عام بني علماء من معتقدات دينية متعددة على المعارف التي وصلتهم من المصريين القدماء واليونان والرومان ليحققوا مكتشفات جديدة مهدت لعصر النهضة الأوربي، تركت هذه المكتشفات التي حققها رجال ونساء عاشوا في الحضارة الإسلامية بصمتها على طريقة حياتنا اليوم بدءًا من الآلات الأوتوماتيكية والإنجازات الطبية وصولًا إلى الأرصاد الفلكية والطراز المعماري الملهم. وقد وصلت فكرة ألف اختراع واختراع إلى أكثر من 50 مليون شخص حول العالم، ويقام المعرض حاليًا في الدوحة تحت نفس الاسم، ويسلط الضوء على هذه الاكتشافات وغيرها من المنجزات العلمية التي تحققت في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، ومنها: أول جامعة حديثة والتي أسّستها فاطمة الفهري في مدينة فاس المغربية، والآلات الرائعة لقياس الوقت، والأدوات الجراحية، إضافة إلى الأجهزة الميكانيكية، ويميط اللثام عن السياق الثقافي والتاريخي لهذه الاكتشافات. كما يبيّن معرض ألف اختراع واختراع تأثير العصر الذهبي للحضارة الإسلامية على فكر النهضة الأوربية. وعن معرض «جذور عربية» تقول أمينة المعرض ريم تركماني: أهم درس تعلمته من معرض جذور عربية هو عبثية مفهوم «صدام الحضارات» فعندما تتعلم الثقافات من بعضها البعض، فلن تحتقر بعضها البعض في الغالب، وأعتقد الآن أن فهم التراث العلمي الدولي أمر ضروري لتقدم العلوم. وقد افتتح معرض «جذور عربية» بحضور سمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، في نسخته الأولى العام الماضي بالجمعية الملكية في لندن. كما أن نسخة الدوحة من المعرض قد أُعدّت خصيصًا بما يتناسب مع الجمهور من خلال التعاون بين مؤسسة ألف اختراع واختراع ومتحف الفن الإسلامي، ومن المتوقع أن يكون محطة انطلاق لمعرض متحف الفن الإسلامي الدولي الجوال.