يواصل معرض «1001 اختراع إسلامي» إبراز إسهامات الحضارة الإسلامية في محطته الثالثة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية في «صالة العلوم»، ضمن جولته العالمية - بعد نجاحه في لندنوإسطنبول - إذ فتح المعرض أبوابه في نيويورك مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي، مستمراً في استقبال الزوار طوال أيام الأسبوع عدا الاثنين. ويتميّز المعرض بأقسامه السبعة التي تعرض نماذج حديثة لبعض المخترعات التي تعود إلى العصور الوسطى، وبذلك يكشف عن مدى اتساع تأثير الحضارة الإسلامية في حياتنا الحديثة، ويبدأ تعريف الزوار بالحضارة الإسلامية بمشاهدة فيلم تسجيلي بعنوان «ألف اختراع واختراع ومكتبة الأسرار»، إذ أعد الفيلم خصيصاً للمعرض، وهو يعرض على شاشة ترتفع سبعة أمتار، مستغرقاً 13 دقيقة بأسلوب قصة قصيرة، ترافق الطلاب الصغار في رحلتهم بالمعرض مستكشفين فيها الحقبة المسماة خطأ «العصور المظلمة»، فيما يقوم الممثل الحائز على جائزة «الأوسكار» سير بن كينغزلي بدور المهندس الجزري الذي عاش في القرن الثاني عشر، فيعرف أولئك الطلاب بالثروة العظيمة من المخترعات والإبداعات التي شهدها العالم الإسلامي في الحقبة التي امتدت من القرن السابع إلى القرن السابع عشر. وحاز هذا الفيلم أكثر من 20 جائزة من الجوائز الدولية في أميركا وأوروبا، وقام الملايين بتحميله من خلال مواقع الإنترنت. ويحوي المعرض قطعاً ومصنوعات، منها مجسم لساعة مائية بطول ستة أمتار ونصف المتر من اختراع العالم الإسلامي بديع الزمان أبوالعز في القرن الثالث عشر، ومجسم طيران لعالم الطيران العربي عباس بن فرناس. كما يتميّز هذا المعرض باستخدامه أحدث وسائل التقنية المعلوماتية والألعاب التعليمية التفاعلية، كما أنه يبرز دور المرأة في العلوم، وكذلك دور علماء من غير المسلمين الذين احتضنتهم الحضارة الإسلامية. ويبرز كذلك كيف حافظ المسلمون على التراث العلمي والصناعي للحضارات الصينية والهندية والإغريقية والمصرية القديمة، وكيف بنوا حضارة جديدة بأخلاقيات مميّزة. كذلك يتضمن المعرض نموذجاً طوله ثلاثة أمتار لخريطة العالم الإسلامي رسمها الجغرافي الشريف الإدريسي في القرن الثاني عشر، وأدوات طبية وجراحية عمرها أكثر من 1000 سنة، ونموذجاً لمنزل صديق للبيئة في بغداد وغرفة مظلمة استخدمها العالم الحسن بن الهيثم في القرن الحادي عشر لدراسة المناظير والعدسات. وقال رئيس «مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية الدولية» فادي محمد جميل، إن تنظيم هذا المعرض في نيويورك يأتي حرصاً على الإسهام في تعريف الأجيال المقبلة من مختلف الخلفيات الثقافية بالحضارة الإسلامية، «وأن نحفزهم على استكشاف قدرتهم على أن يصبحوا علماء المستقبل»، كما أكد أهمية التعاون بين القطاعين الخاص والعام لتنمية المجتمع. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى المعرض قائلة: «إنه (المعرض) يظهر اختراعات علماء عاشوا في مجتمعات إسلامية وضمن مناطق امتدت من إسبانيا إلى الصين»، كما قامت الصحيفة الأميركية بإجراء لقاء مع البروفيسور سليم الحسني مؤلف كتاب «ألف اختراع واختراع»، إضافة إلى لقائها مع المديرة التنفيذية ل«قاعة نيويورك للعلوم» مارغريت هوني، التي عبّرت عن سعادتها وسرورها بإقامة المعرض في نيويورك. وسبق أن تم إطلاق المعرض في لندن مطلع عام 2010 بالتعاون مع متحف لندن للعلوم، وبقي هناك لفترة خمسة أشهر، زاره خلالها قرابة ال400 ألف زائر. أما في إسطنبول فبقي شهرين، زاره خلالهما 420 ألف زائر، وجذبت معروضاته التفاعلية المتنوعة الزائرين، إذ كانت مرتبطة بمجالات علمية متنوعة مثل الهندسة، والطب، والفلك، وغيرها من المجالات العلمية. وبرز المعرض كمقصد يلقي الضوء على ألف سنة من الاكتشافات العلمية الإسلامية، وإسهامها في مختلف المعارف الإنسانية مثل (الفلك والرياضيات، والطب، والهندسة) التي لم تلاحظ في وقتها أو تم نسيانها على مر القرون. فمن فرشة الأسنان حتى آلة الطيران... من اكتشاف القهوة إلى صناعة الدواء... ومن جراحة الرمد إلى جراحات التجميل... من المدرسة إلى تأسيس أول جامعة، هناك نحو ألف اختراع لا يمكن للبشرية أن تعيش من دونه حالياً، كانت نتاجاً لأبحاث المسلمين في الفترة ما بين القرن السابع إلى القرن السابع عشر. وأوضح رئيس «مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة» في إنكلترا أستاذ كرسي الهندسة الميكانيكية في جامعة مانشستر وأستاذ فخري في الدراسات الإنسانية البروفيسور سليم الحسني أن هناك 5 ملايين مخطوطة إسلامية منتشرة حول العالم بحاجة إلى تحقيقها، مبرزاً الجذور التاريخية للعلوم الحديثة، وكيف أن أول جامعة في العالم أسستها فاطمة الفهري عام 851 وما تحقق من ازدهار للحضارة الإسلامية سابقاً يرجع لفهم خاص لمعنى العمل الصالح في القرآن والسنّة. كما أكد أن هناك فقدان ذاكرة في أذهان الناس لفترة طولها ألف عام يشار إليها بالعصور المظلمة في أوروبا، لكنها هي الفترة التي تألقت فيها إبداعات واختراعات في العالم الإسلامي أدت إلى معظم الاكتشافات العلمية الحديثة، مؤكداً ذلك من خلال كتاب ومعرض «ألف اختراع واختراع». ودعا لتطعيم المناهج الدراسية، خصوصاً العلوم الطبيعية كالرياضيات والكيمياء والفيزياء، بمنجزات الحضارة الإسلامية. يذكر أن المعرض سيواصل جولته حول العالم في الأعوام المقبلة لتشمل أوروبا وشرق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. فيما يمكن الحصول على المزيد من المعلومات عن المعرض عبر الموقع: www.1001inventions.com.