بين قبول بعض شرائح المجتمع له والرفض الشعبي والرسمي، يواصل الغناء الهابط انتشاره في الشارع المصري حاملا معه فيروس الكلمات التي تفتقد لأدنى قواعد الذوق والأدب ويعج بالإيحاءات الجنسية الصريحة التي تصدم أذن المواطن في الشارع ووسائل المواصلات والقنوات الفضائية دون مراعاة خطورة ذلك على النشء الجديد وثقافة الأجيال المقبلة، بعد عصر ذهبي طغت عليه أغاني المطربين العظام، وأبرزهم: أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ونجاة الصغيرة، وصاغت وشكلت وجدان الشعوب العربية وحافظت على الذوق العام. يقول تقرير بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن انتشار هذه الأغنية وسريانها في المجتمع كالسرطانات الخبيثة، ما دفع الملحن حسن إش إش عضو مجلس إدارة المؤلفين والملحنين إلى التأكيد على أن غياب أجهزة الرقابة على الأغنية يعد من أهم أسباب انتشار الهابط منها، وقال إن الأجهزة الرقابية في مصر تخلت عن دورها بعد أن كانت تراقب الأعمال الغنائية كافة في الخمسينيات والستينيات وحتى التسعينيات وكانت تراجع كافة النصوص الغنائية والألحان قبل توزيعها. وأضاف أن أغانيه كانت تُعرض على الرقابة قبل تسجيلها والرقيب كان يتواجد في مواقع تصوير وتسجيل الأغاني، والآن لا يحدث ذلك. وأكد إش إش أن نقابة المهن الموسيقية تخلت أيضًا عن دورها وتفرغت لجمع الموارد رغم أن قانون النقابة ينص على مسؤوليتها بالارتقاء بالذوق العام والحفاظ على المهنة ولكن لا يتم تفعيل هذا القانون، وطالب بوضع قوانين وعقوبات صارمة تجاه مؤلفي وملحني هذه الأغنيات، مثلما يحدث مع المتاجرين في المخدارت لكون هؤلاء يتاجرون في ثقافة أجيال. الفنان إيمان البحر درويش نقيب المهن الموسيقية أكد حرص النقابة على القضاء على الغناء الهابط، مشيرًا إلى أن النقابة تستطيع ذلك من خلال توجيه الإنذار لمن يتولى تلحين هذه الأغنيات إذا كان عضوًا في النقابة وقد تصل العقوبة إلى الشطب من جدول النقابة. وأوضح أن المشكلة تكمن في أن من يؤدون هذه الأغنيات الهابطة ليسوا أعضاء بالنقابة وبالتالي لا تعلم النقابة عنهم شيئًا ولكن يحق للنقابة التقدّم ببلاغات رسمية ضدهم لقيامهم بانتحال صفة مطرب. ورفض اتهام البعض للنقابة بالتخلي عن دورها، مؤكدًا أن النقابة تلتزم بتطبيق القانون على الجميع وأنه يتعامل مع مثل هذه الأمور من منطلق رقابي بحت وأخلاقي أيضًا. وقال إن الجمهور نفسه يتحمل مسؤولية انتشار مثل هذه الأغاني داخل المجتمع، وتساءل: كيف يسمح أب أو أم بأن تستمع في منزلها أو سيارتها لأغان تخدش الحياء؟! وطالب بوضع تشريع واضح يعاقب كل من يقوم بتأليف أو تلحين أو غناء نصوص مكتوبة تخدش الحياء أو تصيب المستمع بأذى في مشاعره أو تتضمن ألفاظًا خارجة عن إطار الذوق والأدب، مؤكدًا استعداد النقابة للبدء في ذلك. أما المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم فيرى أن الأغنية الهابطة مقبولة لدى بعض فئات المجتمع المصري وليس كل المجتمع، وقال: للأسف هناك إفلاس في الكتابة واللحن والأصوات أيضًا. ولفت إلى أن ارتفاع تكلفة سوق الكاسيت دفع البعض إلى إنتاج أغان فردية تتضمن مشاهد عري لكي يجذب المشاهدين وبالتالي يحقق الانتشار، خاصة في الأماكن العشوائية، داعيًا إلى معاقبة الفضائيات التي تبث مثل هذه الأغنيات.