ظاهرة غريبة أخذت في الانتشار كالسرطان بين المصريين خلال الفترة الماضية، وتحديداً في أعقاب الاضطرابات والتوترات التي شهدتها البلاد خلال الفترة الانتقالية، وما تبعها من غياب أجهزة الرقابة، وهي ظاهرة "الأغاني الهابطة"، التي لاقت صدىً واسعاً لدى شريحة كبيرة من الشباب. واتهم مطربون وملحنون تحدثوا إلى "الوطن" تلك النوعية من الأغاني التي في الغالب يقدمها أُناس مجهولون، وقالوا إنها انتشرت كالوباء بين أفراد المجتمع، محذرين من عواقب كارثية على ثقافة المجتمع وعاداته وقيمه، خاصة بين أوساط الشباب، لاسيما وأن هذه النوعية من الأغاني تفتقد لأدنى قواعد الذوق والأدب، وتعج كلماتها بالمعاني التي تصدم أذن المواطن في الشارع ووسائل المواصلات، والفضائيات، دون مراعاة خطورة ذلك على النشء الجديد، وثقافة الأجيال المقبلة. من جهته أكد نقيب الموسيقيين المصريين الفنان إيمان البحر درويش في تصريح خاص ل"الوطن"، أن النقابة ستتصدى بحزم لمقدمي هذه الأغاني، مشيراً إلى أنه سيتم شطب من يقدمها من مطربين أو ملحنين من عضوية النقابة، أو سيتم مقاضاة من يقدمها إذا لم يكن من الأعضاء، وسيتم اتهامه بانتحال صفة مطرب. وأضاف أن بعضا من الجمهور يتحمل المسؤولية في هذا الشأن، مندهشاً من إقبال البعض على مثل هذه النوعية من الأغاني، التي من شأنها تفكيك ثقافة المجتمع، والتأثير السلبي على قيمه وعاداته، وضياع كل المبادئ التي تميز طبيعة وثقافة المجتمع المصري. من جهته أكد المطرب علي الحجار أن الأغنية المصورة اتجهت خلال السنوات الأخيرة نحو الإفراط في المشاهد غير المقبولة، واعتقد الكثيرون، حتى نحن المطربين، أن الأمر لن يأخذ أي أبعاد أخرى، وأنه سوف يتوقف عند هذه النقطة، ولكن وبمرور الأيام وأمام صمت المسؤولين وتراجع دور الرقابة، وانتشار المحطات الغنائية التي لا تخضع للمتابعة، دخلت الأغنية في منعطف آخر خطير، فبعد أن كان هناك تلميح بالصورة أصبح هناك تصريح بالكلمة تطور إلى إيحاءات غير أخلاقية. وشدد الحجار على ضرورة التصدي بكل قوة لهذه الظاهرة الخطيرة، التي لا تقل خطورتها عن الاتجار في المخدرات، مشيراً إلى أن ترك الأمور كما هي سيؤدي بالشباب إلى الهاوية. أما الموسيقار هاني مهنى، فأبدى اندهاشه من وجود صدى لمثل هذه الأغنيات لدى الشباب، مشيراً إلى أنه وبرغم وجود نجوم مثل محمد منير، وعمرو دياب، ومحمد فؤاد، وإيهاب توفيق، وهاني شاكر، وأصالة، يقفون في صف الفن النظيف الراقي، إلا أن هذه الموجة الخارجة من الأغنيات استشرت بشكل مخيف يضع أمامها علامات استفهام. وأضاف أن هناك استسهالا من شعراء الأغنية، ورغبة في الربح السريع، كما أن الأصوات الجديدة تحاول دخول عالم الشهرة من أقصر الطرق، واصفاً تلك الأغاني بالسطحية، مؤكدا أن الفشل هو مصيرها، لافتاً إلى أن استخدام مثل هذه المفردات والأغاني القبيحة ما هو إلا إفلاس وبحث عن نجاح زائف وسهل. أما المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم، فقال إن الأغنية الهابطة سرعان ما تجد قبولاً لدى البعض من فئات المجتمع المصري، وليس كل المجتمع، مرجعاً السبب في انتشار تلك الظاهرة إلى الإفلاس في الكتابة، واللحن، والأصوات أيضاً، مشيراً إلى أن البعض لجأ إلى إنتاج أغانٍ فردية تتضمن مشاهد غير مقبولة لكي يجذب المشاهدين، وبالتالي يحقق الانتشار المطلوب، خاصة في الأماكن العشوائية.