أثارت قضية الطفلة (تالا) الذعر في نفوس المجتمع السعودي، فأصبحوا هلعين من هؤلاء العاملات اللاتي يقطنَّ معهم في نفس المنزل، انتشرت كثيرًا رسائل التحذير من العاملات المنزليات، وانتشرت معها الشائعات الغريبة والتي ليس لها صحة أو برهان. لدرجة انتشار مقطع عن قصاص العاملة، وفي الحقيقة المقطع قديم وكان الحكم يُنفَّذ في رجل وليس امرأة. أعلم أن قضية (تالا) رحمها الله ليست بالأمر الهين، فقد كانت فاجعة زلزلت القلوب من هولها، ولكن القضية واحدة، والعاملة الإندونيسية واحدة، ونحن لدينا الآلاف من العاملات من نفس الجنسية وقد عملوا لدينا منذ عقود طويلة. المشكلة ليست في الجنسية الإندونيسية بعينها، فالخير والشر موجودان في جميع جنسيات العالم. حتى في مجتمعنا السعودي على كثرة الخير الذي ننعم به، ولكن له وجه آخر للشر نابعة من نفوس حاقدة حاسدة لا تريد الخير للناس. كم سمعنا سابقًا عن عاملات حنونات على الأطفال أكثر من الأمهات، لدرجة عندما يحين موعد سفر العاملة نجد الطفل يحزن وينطوي وتسوء حالته النفسية ولا يفتأ عن ذكرها إلى أن تعود، وأيضًا الحرص واجب من الوالدين. ألا يتركا العاملة والأطفال في المنزل من غير أن يكون معهم شخص مسؤول يستطيع التصرف في حالة حدوث أي أخطار، ويكون عينًا على الأطفال وأخرى على العاملة في حال أنها لا تؤتمن، ولن تكون أحرص من الوالدين على أولادهم. قامت هذه العاملة بقتل طفلتنا الصغيرة بوحشية، نعم لا أنكر أنها تستحق أقسى العقوبات الشرعية. ولكن لا يستحق غيرها من العاملات تحمُّل الأذى من الأهالي بتهمة أنهن من نفس جنسية العاملة القاتلة، فهن بشر ومغتربات ولا ذنب لهن فيما حدث، لا نريد أن نكون ظالمين وقاسين على الضعفاء والمحتاجين، نصيحتي إذا رأيتم ما يثير الشك في هؤلاء العاملات فأرسلوهن إلى بلدانهن من غير ضرر ولا ضرار، وإن كن مسالمات فعاملوهن بالحسنى ولا تسلموهن فلذات أكبادكم من غير رقيب -على الأقل- لكي لا يتعلموا من هؤلاء العاملات بعض المعتقدات الخاطئة أو الطقوس غير الإسلامية من غير المسلمات منهن. مروج اللبان – جدة