عندما كنا صغارًا كانوا يسألوننا عن طموحات المستقبل، فنُجيب: طموحاتنا أن نكون مُعلّمات صف أو طبيبات. أما فتيات المستقبل في يومنا هذا، فستكون إجابتهن: طموحاتي أن أصبح "حافزية". لا يبدو أن جهودنا في القطاع الخاص مُزهرة مُثمرة للبعبع المُسمَّى ب "البطالة"، حيث إن إحصائيات برنامج "حافز" الذي يُوفِّر دعمًا ماليًّا للشباب الباحث عن العمل، أظهرت بجلاء واحد من أبرز أسباب اختلال سوق العمل، لأن مجموع الشباب الباحثين عن العمل تجاوزوا مليونًا ونصف المليون، تُشكِّل الفتيات ما نسبته أكثر من 80%، منهن قرابة 40% يملكن شهادات جامعية. أحلامنا في توظيف حواء في قطاع التجزئة -الذي يُمثِّل السواد الأعظم من اقتصادنا- متأرجحة بين الكوابيس وأضغاث الأحلام. فقد تبيّن أن وعود التجار بتوظيف الفتيات ليست كما تمنّينا. وكُتب على فتياتنا بالبنط العريض على رمل الطريق "طموحات حافز". لقد ضاعت علينا عقودًا في العجز عن مفهوم عملية انخراط المرأة في بناء المجتمع وتنميته، وأن الدولة استثمرت مبالغ طائلة في تعليم الفتيات، دون الاستفادة منهن بسبب عدم توفر الوظيفة المناسبة، وتدنى الرواتب، والعائق الأكبر في المجتمع: "المواصلات العامة". قد يُقلِّل البعض من بطالة النساء، وهذه هي المأساة. لكن، ما على العاقل إلا إعداد قائمة للبيوت التي تعاني ألوانًا من المشكلات من الدخل الأوحد. سيجد أنها تشكّل النصف.. والبطالة عنصر من العناصر التي تؤرق كثيرا من أسرنا، ففي تربتها سيُدفن الطموح القويم، والتطلع إلى البناء التنموي الشامل، والاستعداد إلى البحث العلمي، والاختراع والاكتشاف، والتصنيع والتطوير. البطالة ستصبح عائقًا مانعًا حائلًا دون التقدم. لابد من العمل الجماعي اليوم وغدًا، في سبيل درء أخطار البطالة النسائية. وليس من الحكمة الانخداع بالقول: إن النساء إعالتهن على الرجال، وإلا لماذا تسابقت النساء في الحضر والبدو لتتمتع بمميزات "حافزية". لا شك أن البطالة من المشكلات التي نعانى منها في مجتمعنا. لكن الحلول الاستباقية التي نحتاج إليها، حاضرًا ومستقبلًا، أشدّ تعقيدًا. ساعدونا يا تُجّارنا حتى لا يكون طموح بناتنا أن تصبح في المستقبل "حافزية". [email protected]