في مشهد لم يعتد عليه نادي جازان الأدبي في فعالياته الأخيرة، امتلأت قاعة الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز يوم أمس الأول بحضور كثيف من المثقفين والمثقفات، من بينهم ثلاثة رؤساء لأدبي جازان مستمعين لمحاضرة «المعرفة والسلطة» التي قدّمها الناقد الدكتور سعد البازعي عضو مجلس الشورى، الذي عبّر عن بهجته بالحضور الكبير الذي أمّ الأمسية، التي أدارها الدكتور إبراهيم أبوهادي النعمي. محاضرة البازعي استغرقت نحو خمس وأربعين دقيقة، دارت محاورها حول ثنائية العلاقة بين المعرفة والسلطة، والجدلية الدائمة بينهما عبر التاريخ الثقافي والسياسي العربي، واتخذ لفكرته أنموذجين من الثقافة العربية، والمميّز أنه ليس من بينهما شاعر، بل هما كاتبان من العصر العباسي، وهما عبدالله بن المقفع، وأبوحيّان التوحيدي، وكيف مثّلا سلطة المعرفة من خلال نصوصهما النثرية المدونة، وكتبهما المعروفة، في مواجهة السلطة السياسية والاجتماعية والثقافية، والحوارية التي دارت بين هذه الأنواع من السلطة في شد وجذب، معرجًا على كليلة ودمنة لابن المقفع، وبعض كتب التوحيدي كالمقابسات والبصائر والذخائر، واستعرض طبيعة العلاقة بين المعرفة والسلطة مستشهدًا ببعض النصوص. ليفتح المجال للنقاشات التي تفاوتت في عمق طرحها وحدته، كانت أبرزها مداخلة الشاعر إبراهيم زولي الذي تحدث عن المعرفة عندما تكون سلطة وسلطة مضادة، وتحولات بعض المثقفين من إطار سلطة الثقافة إلى ثقافة السلطة وذلك حين تمتحن الثقافة، مستشهدًا بموقف سنغور ضد صنبين عثمان، وجان بول سارتر، معرجًا على المعرفة حين تكون ضد في نفسها، كما حصل في القرن الماضي بين قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية ومن ثم الشعر المنثور. كما علق الدكتور حسن حجاب الحازمي، والصحفي حسن مشهور وغيرهما في مداخلات استمرت ما يقرب من نصف الساعة، ليختمها بعد ذلك رئيس أدبي جازان شاكرًا الدكتور البازعي والحضور الكبير، مرحبًا برئيس النادي الأديب الكبير حجاب الحازمي.