سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما مرجعية المسيئين للإسلام والرسول صلى الله عليه وسلّم؟! (1) معروف عن كتابات المستشرقين الأوائل أنها قائمة على الشتم والتقبيح، والتشنيع على الإسلام.. ووجدتُهم يضعون مرويات عن الرسول لا وجود لها
لقد تكررت الإساءات إلى القرآن الكريم، وخاتم الأنبياء والمرسلين سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن في السنوات الأخيرة من قبل بعض الغربيين، ومن أسوأها ما سُمِّي بفيلم محاكمة محمد، أو براءة المسلمين، والأسئلة التي تطرح نفسها هي: ما مرجعية هؤلاء المسيئين إلى رسول الله ونبيّه محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولمَ كل هذه الإساءات المتتالية دون مراعاة واحترام لعقيدة ومشاعر مليار ونصف المليار مسلم؟! وهل الإساءة إلى الإسلام ونبيّه تعد من حرية التعبير، بينما كشف حقائق جرائم الصهاينة الإسرائيليين في فلسطين، والتشكيك في حقيقة الهولكست يُعد من الجرائم التي يُعاقب عليها فاعلوها بالسجن والغرامات المالية؟! واستأذنكم في الإجابة عن هذه التساؤلات، وسأبدأ بالإجابة عن السؤال الأول: لقد شاهدت بعض الصور الكاريكاتيرية الدنماركية المُسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وما سُمِّي بفيلم «مُحاكمة محمد»، ولم تكن مفاجئة لي، لأنّها جسّدت بعض ما كتبه المستشرقون من مختلف المدارس الاستشراقية من إنجليزية وفرنسية وألمانية ودنماركية ونمساوية وأمريكية عن الإسلام والسيرة النبوية، فمثلًا جاء في أحد المشاهد فيما سُمِّي بِ «فيلم» لأنّه ليس بفيلم, فهو عبارة عن مشاهد متقطعة لا صلة ببعضها البعض، ولا رابط درامي بينها، فهي مجرد مشاهد تُجسّد شُبهات أثارها المستشرقون -ومنهم يهود- حول الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين, فمثلًا: ما جاء في المشاهد المسيئة أن تعاليم الإسلام مأخوذة من اليهودية والمسيحية والوثنية، فهذا ردّده معظم المستشرقين في مختلف المدارس الاستشراقية، في مقدمتهم المستشرقين اليهود، مثل: جولد تسهير المجري، وكارل بروكلمان الألماني، وبرنارد لويس البريطاني الإنجليزي، ومارجليوث البريطاني والمستشرقون البريطانيون: أنتوني نتج، هاملتون جيب، كالمر، الفريد جيوم، كاترين آرمسترنج، وبودلي وغيرهم، كما تناول «فيديو الإساءة» إلى الشبهات التي أثارها المستشرقون حول زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، وأنّه همَّ بالانتحار فترة انقطاع الوحي عنه وغير ذلك من الشبهات، وقد تصديتُ لشبهات أثارها أكثر من (17) مستشرقًا إنجليزيًا من مستشرقي القرنين التاسع عشر والعشرين حول القرآن والسنة والسيرة النبوية في دوريها المكي والمدني في رسالتي للدكتوراه، وهي على وشك الصدور في (4 أجزاء)، وعندما بحثتُ عن مصادر هؤلاء المستشرقين في كتاباتهم عن الإسلام، والسيرة النبوية وجدتها كتابات من سبقهم من المستشرقين في المقام الأول، ومعروف عن كتابات المستشرقين الأوائل أنها قائمة على السب والشتم والتقبيح، والتشنيع على الإسلام، وثانيها التقاط الإسرائيليات والروايات الموضوعة والمفردة والشاذة والضعيفة من المصادر الإسلامية، ووجدتُهم يضعون من عندهم مرويات عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا وجود لها، كما وجدتهم يُقوُّن الضعيف، ويُضعِّفون الصحيح لخدمة أهدافهم، وإثبات ما يريدون إثباته، أو نفي ما يريدون نفيه، بل أحيانًا يُضعّفون ما قوُّه, ويُقوُّن ما ضعّفوه لخدمة ما يهدفون إليه، وإذا لم تسعفهم الروايات الشاذة والضعيفة والموضوعة لجأوا إلى الاستنتاجات المبنية على الافتراض القائم على التخمين، والذي لا يستند على أي أساس علمي، فقد استبعدوا المصادر العربية الإسلامية وأخذوا منها القدر الذي يريدونه والرجوع إلى غيرهم من المستشرقين في كتاباتهم عن شعائر الإسلام لتأييد آرائهم وتحليلاتهم وافتراضاتهم التي لا أساس لها من الصحة ليوهموا المسلمين وغير المسلمين بصحة ما يكتبون، فلهم منهج مُدّعى ومنهج مُتّبع؛ إذ تخلّوا عن المنهج العلمي القائم على الحيدة والموضوعية الذي ادّعوا اتباعه، واتّبعوا في كتاباتهم عن الإسلام، والسيرة النبوية منهجًا مناقضًا تمامًا للمنهج المُدّعى. والسؤال الذي يطرح نفسه، ما أهداف المستشرقين في كتاباتهم عن الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام؟ ومن وراء هذه الإساءات، وما أهدافها؟! هذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله. [email protected] [email protected]