طالب الدكتور محمد زرمان بوضع إستراتيجية شاملة لتحسين صورة النبي – صلى الله عليه وسلم - تتضمن الاستفادة القصوى من البث الفضائي المباشر بإطلاق قناة أو عدة قنوات فضائية تتبنى مشروع نصرته صلى الله عليه وسلم بطريقة عقلانية هادئة. وجاء ذلك ضمن جلسات المؤتمر الدولي (نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم)، التي تواصلت، الإثنين 4 أكتوبر 2010، وتنظمه الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. وشهدت الجلسة الثامنة التي ترأسها مفتي عام جمهورية موريتانيا سماحة الشيخ أحمد ولد لمرابط الشيخ محمد الشنقيطي، وتحدث في بدايتها الدكتور محمد زرمان في بحثه (صورة النبي صلى الله عليه وسلم في الفكر الأوربي بين الإجحاف والإنصاف) وتناول فيه التطور التاريخي لتشكل صورة النبي صلى الله عليه وسلم في الفكر الأوروبي، متناولا صورته في الفكر الأوروبي من خلال محاولة تجلياتها ومظاهرها، وتطرق الباحث إلى العوامل الكامنة وراء تشكل صورة النبي صلى الله عليه وسلم في الفكر الأوروبي، وعزا الباحث الأسباب في خوف الكنيسة على سلطانها وقدرة الإسلام على التمدد والانتشار، والجهل المطبق للأوروبيين بحقيقة النبي عليه الصلاة والسلام. وطالب الباحث بإستراتيجية شاملة لتحسين صورة النبي تتضمن الاستفادة القصوى من البث الفضائي المباشر بإطلاق قناة أو عدة قنوات فضائية تتبنى مشروع نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة عقلانية هادئة، وكذلك إصدار مجلات تتخصص في عرض سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بطريقة حديثة وعلمية بمختلف اللغات الأوروبية، وغيرها من الوسائل والأساليب الكفيلة بتحقيق الهدف والوصول إلى النتيجة المرجوة. وكان المتحدث التالي رئيس مركز البحوث الإسلامية في السويد الشيخ عبد الحق التركماني ووسم بحثه ب(شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب «محمد: حياته وعقيدته» للمستشرق السويدي: تور أندريه) وأعطى في بداية البحث معلومات عن الكتاب ومؤلفه، موضحاً أن أندريه ركَّز على توضيح مفاهيم أساسية عن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، فأكد على: (أصالته، وجدِّيته وأمانته في حمل الرسالة وأدائها، وإخلاصه الديني، وتواضعه ومحاسبته لنفسه) وغيرها من الصفات، وأوضح أن أندريه خلص إلى القول: (بأن الأصالة والجدية في تقوى محمد، والإخلاص في إيمانه بدعوته الدينية أمور لا شك فيها)، وأشار جملة من الشبهات التي ولع بها المستشرقون وكيف حاول في كل مرة أن يقدم دفاعًا عنه صلى الله عليه وسلم، أما أسوأ ما في الكتاب (كما يراها الدكتور التركماني) فهو اعتماد مؤلفه منهج التحليل النفسي لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ضرب من الظن والتخمين وإطلاق الآراء والدعاوى المجردة في تفسير مواقفه وأعماله صلى الله عليه وسلم، وفي ختام بحثه أوصى الباحث بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية مع الدراسة والنقد، كما أوصى بنشر دراسة نقدية عنه في اللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ لأنه يعدُّ من الكتب المؤثرة جدًّا في مفاهيم المثقفين الغربيين عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. فيما تناول مسؤول الشؤون الثقافية بالمركز الثقافي الإسلامي بمدريد أستاذ الماجستير بقسم الدراسات العربية والإسلامية جامعة أوتونما بمدريد الدكتور سيف الإسلام بن عبد النور الهلالي في بحثه (الاستشراق الإسباني والسيرة النبوية) تناول في مستهله كيف شكلت اسبانيا استثناء في التاريخ الأوربي نظرا لمكوث المسلمين فيها زهاء عشرة قرون جعلت من الإسلام محطة لا بد من الوقوف عندها عند الحديث عن تشكل هوية هذا البلد، واستعرض محاولات تشويه الصورة الإسلامية التي عليها البلاد من خلال ما قام به عدد من الرهبان مستعرضاً بعض كتبهم التي ألفوها في الحقب المختلفة. وبين الدكتور الهلالي أنه حاول في بحثه التطرق إلى صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الثقافة الشعبية الإسبانية ثم استعرض ماذا تقول معاجم اللغة الإسبانية عن الإسلام وعن الرسول صلى الله عليه وسلم، تعرضنا للسيرة النبوية كما يراها المترجمون، وتطرق لسيرة الرسول في المناهج المدرسية على اعتبار أهميتها في التأسيس لنظرة تلميذ اليوم إلى محيطه وعالمه اليوم وفي المستقبل وتشكيل وعيه بالإسلام، وأي الباحث كيف أن هذه الكتب لا تضع المعلومات الخاصة بالإسلام وبالسيرة في سياقها مستعملة مصطلحات تكرس الصور المسبقة الخاطئة، ولا ترسم معالم واضحة ودقيقة لشخصية رسول الإسلام. وخلص الدكتور الهلالي إلى أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في إسبانيا في القرن الواحد والعشرين ما هي إلا ثمرة مسمومة لما كتب عن الإسلام منذ القرن التاسع الميلادي، وحصيلة لتراكمات تاريخية يستحيل التخلص منها ما لم يتحل صانعوا الرأي العام بالموضوعية والحياد العلمي عند الخوض في هذا الجانب. المتحدث التالي هو أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد بجامعة الدمام الدكتور عبدالله رفاعي محمد أحمد وحمل بحثه عنوان (الوحي القرآني «دراسة تقويمية لأقوال المستشرق الألماني كارل بروكلمَنْ») تطرق في البداية إلى أسباب اختياره هذا المستشرق وأقواله، وأشار إلى ما حوته كتاباته من عبث ينبغي أن ينزه عنه القرآن الكريم, وتقويم أقواله بما يصير به الحق أبلج والباطل لجلج. وتناول الباحث في بحثه موقف بروكلمن من أسلوب القرآن الكريم، ودعواه اشتقاق لفظ «سورة» من كلمة « صورنا» السريانية، ودعواه أن القرآن وحي نفسي، ودعواه أن اليهودية والنصرانية هما مصدر القرآن الكريم، ثم خلص إلى بعض النتائج حيث أشار إلى أن أنه لا يمكن الاعتداد البتة بما كتبه بروكلمن عن القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يكذب الصحيح المقطوع بصحته عندنا أو يشكك فيه على أقل تقدير، وأوصى الباحث ضرورة رصد كل ما يكتب عن القرآن الكريم في الغرب بمختلف اللغات الأجنبية، مع الرد عليها ونشرها نشراً إلكترونيا نتجاوز به حدود الزمان والمكان، وكذلك ضرورة رصد الشبهات المثارة على المواقع الإلكترونية المناهضة للقرآن الكريم مع تحليل محتوياتها والرد عليها. المتحدث الأخير، هو أستاذ الحديث وعلومه بكلية الآداب بوجدة بالمغرب الدكتور عبد العزيز فارح وتناول في بحثه (دراسة تقويمية لموقف الكتاب غير المسلمين من الحديث النبوي) حاول من خلاله كشف ما سعت له الدراسات الغربية في التشكيك في مصادر الإسلام والطعن في صلاحيتها، فمررت على العقل الغربي، بل وعلى العقل المسلم أحيانا معطيات محرفة مكشوفة تارة، مستترة تارة أخرى، مغلفة بما سموه المنهج العلمي في البحث والدراسة، مستعرضاً بعض كتبهم وما تناولوه فيها، وخلص إلى أن المستشرقين لما كتبوا عن الحديث النبوي كانوا تحت تأثير الأحكام والأفكار التي رسخها أسلافهم من رجال الكنيسة، الكامنة في عقول عموم الغربيين أسرى النظرة النمطية والخاطئة عن الإسلام وأهله. وفي الجلسة التاسعة التي ترأسها المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان، وبدأت ببحث الدكتور مصطفى محمد حلمي سليمان بعنوان (رؤية علماء غربيين منصفين للإسلام ونبيه) وطالب الجميع بالذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ما توافر لدينا من وسائل، ودفع الاتهامات الباطلة الموجهة إليه التي زادت عن حد الاحتمال، مع الإصرار على استمرارها وانتقالها من بلد إلي آخر في تناسق وترتيب بين وسائل الإعلام الغربية التي يقف وراءها دهاة المستشرقين والمبشرين. وفسر الدكتور مصطفى ما استقر في نفوس الغربيين، وعلل انطلاق حملة الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في القارة الأوروبية، وازدياد حملات الهجوم عليه في الآونة الأخيرة، وانتقالها من بلد إلى آخر بعناد وقسوة. ثم ألقى الدكتور محمد عبدالواحد العسري بحثاً بعنوان (أصول الصورة المشوهة لمحمد صلى الله عليه وسلم في الغرب الأوروبي ومكوناتها: قراءة في تاريخ الاستشراق الإسباني ونماذجه وامتداداته) حاول فيه الدفاع عن أطروحة مركزية مفادها أن الاستشراق الإسباني ومنذ انطلاقاته الأولى في مطلع القرون الوسطى بالأندلس وهو الذي زود الغرب الأوروبي بالصورة المشوهة لمحمد صلى الله عليه وسلم، التي ما فتئت تتمتع بقدرتها الخارقة على الثبات والاستمرار والتكرار في الغرب الأوروبي، وبين أن الإسلام ترتب عن لقائه بالنصرانية وبثقافته العربية في الأندلس أن استعربت كنيستها، و(تأسلمت) إلى حد تبنت فيه الاصطلاح الديني الإسلامي للتعبير عن بعض شعائرها، فضلا عما كانت تعرفه نصرانيتها الأريوسية الموحدة من تحولات بطيئة إلى الإسلام، بالنظر إلى اقتسامها معه معتقد توحيد الله وتنزيهه، مقابل معتقد الكنيسة الكاثوليكية في التثليث والحلول. ووقف العسري على مختلف امتدادات هذه المجادلة في أغلب تشكلات الصورة المشوهة عن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في الوعي الأوروبي بالإسلام إلى حد اليوم. وختم بأن أهم ثوابت بناء الصورة المشوهة لمحمد صلى الله عليه وسلم في الغرب الأوروبي التي زودته بها المدة الطويلة لتاريخ الاستشراق الإسباني من خلال أهم نماذجه وامتداداته. جاء بعد ذلك دراسة الدكتور إسماعيل بن غصاب العدوي بعنوان (دراسة تقويمية: لآراء الغربيين في الإسلام ونبيه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم) وبين فيها أن العوامل التي أدت إلى هذا الموقف الغربي ونظرته إلى الإسلام ونبي الإسلام نبي الرحمة نظرةً مشوهةً خاطئةً ظالمةً لن تخرج عن الهوى والحسد والكبر الذي أدى إلى رفض الحق مع العلم به والاستمرار في الباطل مع العلم به أيضاً، وتقديم رجال السلطة الدينية والدنيوية الدنيا والمصالح الخاصة على الآخرة والمصالح العامة لشعوبهم النصرانية والغربية، واستخدام الكنيسة لسلطتها وإمكانيتها في شحن الغرب ضد الإسلام. كما أجمل الأهداف الغربية من حملات التشويهية والغرض من ترسيخ الصورة المغلوطة عن دين الإسلام ونبي الإسلام نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتطرق إلى الأساليب المستخدمة في هذا التشويه لدين الإسلام ونبي الإسلام نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم وأكد أن أن الغرب لم يدخر وسعاً، ولا وسيلة يمكنه استغلالها في ذلك. وذكر الدكتور محمد عبدالرزاق أسود في بحثه بعنوان (موقف المستشرقين من السنة النبوية «دراسة تقويمية») أن الاستشراق يتمثل في الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي, والتي شملت حضارته وأديانه، وآدابه ولغاته، وثقافته، وأنه أسهم في صياغة التصورات الغربية عن العالم الإسلامي، ثم تحدث عن دوافع الاستشراق وأهدافه من خلال الدافع الديني، والسياسي، والاقتصادي، والعلمي، والتي تصب في خدمة الاستعمار القديم والمعاصر. وخلص الباحث إلى عدد من النتائج، إذ أكد أن الجهد الفردي لن يقف أمام مدّ الهجوم الاستشراقي على الإسلام ومنها السنة النبوية مما يتطلب أن تكون هناك كليات متخصصة تقوم برصد هذا الإنتاج الاستشراقي الضخم والرد عليه. ثم بين الدكتور محمد الحافظ الروسي من دولة المغرب في بحثه بعنوان (صورة النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب غوندال «محمد وإنجازه MAHOMET ET SON ŒUVRE» أصول عناصرها وأدوات بنائها) أن كتاب إينياس لويس غوندال محمد وإنجازه،صدر ضمن أحد السلاسل التي أراد أصحابها منها أن تكون ممهدة لجميع طبقات القراء بغاية الدفاع عن الدين المسيحي ومواجهة أعدائه، وأوضح أنه لو لم يكن مع هذا التعصب شيء آخر سواه لكفى وفند الباحث ما سطره بسبب جهل المؤلف بالعربية جهلا تاما، فلا سبيل إلى كتابة سيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجهل بها، إضافة إلى أن معرفته بالإسلام لا تبلغ معرفة عوام المسلمين مهما يبلغْ جهلهم كما ان الكاتب لم يطلع على السيرة النبوية اطلاعا يؤهله للحديث فيها، مما جعله يقع في أخطاء كثيرة جدا يتعذر استقصاؤها.