فيصل العمري - المدينةالمنورة تصوير: زاهد بخش عُرف «المركاز» لدى أهل الحجاز بأنه المكان الذي يجتمع فيه كبار أهل الحارة، وهو المكان والرابط الاجتماعي الذي يربط أهل الحارة ببعضهم البعض، حيث تتم في المركاز مناقشة القضايا المهمة التي تهم الحارة، ويتم فيه معالجة القضايا الاجتماعية مثل إصلاح ذات البين وزيارة المرضى وتفقد أحوال الأهالي ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين، ويعتبر المركاز من الموروثات القديمة لدى أهل الحجاز بصفة عامة حيث يعتبر هو نقطة الالتقاء والانطلاق لتنفيذ الكثير من الأمور الاجتماعية أو حتى على المستوى التجاري. ويرى عدد من البقية القليلة المحافظة على هذه التراث أن المركاز بدأ في الاندثار حيث طغت الحياة العصرية على التراث القديم والذي يهددها بزواله. يقول زكي خشيم إن المركاز في السابق كان مقرًا لتجمع كبار الحارة وكان شيخ الحارة أو العمدة يتخذ من المركاز مقرًا له، مشيرا الى أن وقت التجمع في المركاز بعد صلاة المغرب في الأيام العادية ويمتد حتى الساعة 10 مساءً، ويضيف خشيم بأن المركاز يتم فيه مناقشة أوضاع الحارة وتفقد أحوالهم وسد احتياجاتهم قدر المستطاع، واعتبر خشيم بأنه في السابق كان هناك ارتباط وثيق بين عمدة الحي وبين المركاز حيث كان عُمد الأحياء يكون مقرهم مراكز أحيائهم مثل زقاق الطيار وحوش التاجوري وحارة المناخة وزقاق باب المجيدي. نقطة التقاء فيما يقول خليل مسعودي ان المركاز كان في السابق رابطا اجتماعيا مهما فيتم من خلاله إصلاح ذات البين بين المختلفين وتفقد الأحوال، وأضاف مسعودي أن المركاز كان نقطة الالتقاء في حال وجود ترتيب معين لزيارة مريض أو الذهاب إلى حفل زفاف أو أي مناسبة حيث كان دائمًا المواعيد ومكانها مرتبط بمركاز الحارة. ويضيف مسعودي بأن للمركاز دورا تشريعيا كبيرا في السابق فيتم من خلاله تنظيم الحارة والعناية بها فلم يقتصر دوره كما يعتقد البعض على الاجتماع والضحك وتبادل الأحاديث وملء وقت الفراغ وإنما تجاوز ذلك إلى أبعاد كثيرة. روابط اجتماعية من جانبه قال عبدالسلام بركات ان المركاز كان أحد الروابط المهمة التي تجعل أهل الحارة يخرجون من بيوتهم للذهاب والاجتماع عند المركاز من أجل الاستئناس بالأحاديث الودية وسرد القصص فضلًا عن تحقيق عدد من الروابط الاجتماعية المهمة مثل زيارة مريض أو الذهاب إلى حفل زفاف والتي ما زالت باقية حتى الآن - على حد وصفه. وعن المقارنة بين الجيل الحالي والجيل السابق قال بركات ان الجيل الحالي يختلف تمامًا في تعامله مع المركاز عن الجيل السابق حيث ان الجيل الحالي استبدل الجلوس في المركاز بالجلوس في الاستراحات والتي ليس لها معنى كبير بخلاف الاجتماع في المركاز والذي يحمل مقاصد كبيرة، وتابع بركات بأن المركاز يحمل في بين جنباته واعظا دينيا يقوم بقراءة القرآن حيث يستمع له البقية أو يقوم أحد الوعّاظ بإلقاء كلمة وعظية بسيطة أمام أهل المركاز. وتابع بركات أن المركاز ليس محصورًا على وجهاء الحارة أو المعارف بل إن أهل المركاز يقومون بالترحيب بأي شخص يأتي للجلوس في المركاز حتى لو لم يكن يعرفونه. وأضاف أن المركاز في رمضان له نكهة خاصة حيث تطول الجلسة طوال الليل بعكس الأشهر العادية والتي ينتهي بها الجلوس في المركاز عند العاشرة مساءً.