قال لي وزير الإعلام المصري صلاح عبدالمقصود أمس إنه سيُطلق اليوم المذيعة المحجبة رقم 4، الزميلة نرمين البيطار؛ لتنضم لزميلاتها المحجبات الثلاث: فاطمة نبيل، ونرمين خليل، وسارة الشناوي. والحق أنَّ مصطلح "إطلاق"، الذي يُذكِّرك بالأقمار الفضائية الأمريكية، والروسية، كان هو الأنسب في زمن الخلط العجيب، والتناقض الأعجب في مواقف كتيبة التصدّي للدولة الدينية "الوهمية"! والحق كذلك أن إطلاق المذيعات المحجبات، بالتزامن مع السماح للمضيفات بارتداء الحجاب، ساهم بالتأكيد في إيجاد بيئة ثقافية خصبة لنشر دعاوى وافتراءات المناضلين الجدد، والاستشهاديين الجدد ضد كل ما هو أصل حقيقي، وعميق في الهوية المصرية! في المقابل، ومع التأكيد على أحقية المذيعات، والمضيفات، وكل المصريات المسلمات في ارتداء الحجاب، أثناء تأديتهن لأعمالهن، ظهر، أو برز محافظ بجلباب "يتفقد أحوال الرعية، بعد صلاة الجمعة" لتزداد المعركة سخونة، ويزداد الخلط عجنًا، أو عكًّا، والتناقض حدّةً، وتغيب بعض الحقائق المهمّة تحت سنابك المشتبكين. من ذلك أن ظهور المذيعات المحجبات على الشاشة، بالإضافة لكونه انتصارًا لمبادئ الحرية والعدالة، والكرامة الإنسانية، قد يعفينا، أو يرحمنا من أطنان المواد الملوّنة، التي غيّبت الفكر والثقافة والإبداع عن كثيرات، لمّعت وجوههن، ولم تلمّع أسماءهن منذ سنوات بعيدة! لقد أحبّ المشاهدون ليلى رستم، وأماني ناشد، وسلوى حجازي، وزينب سويدان، وغيرهن دون حجاب، لفكرهنّ المتّقد، وثقافتهنّ الواسعة، وليس لجمالهنّ، أو لألوان وجوههنّ، أو تسريحات شعورهنّ، ومن ثم فإن المعيار هنا هو المهنية والثقافة، لا السطحية والهيافة، يستوي في ذلك المحجبات، وغير المحجبات. وفي ساحة الخلط حدّث ولا حرج.. مثقفون يتظاهرون "من أجل حرية الاعتقاد، وممارسة الشعائر الدينية" يتصدّون لما يُسمّونه ظاهرة المذيعات المحجبات! أئمة ودعاة يتظاهرون ضد "أسلفة" وزارة الأوقاف، باعتبار أن الأزهر هو المرجعية، وكأن الأزهر يستقي منهجه من الفاتيكان، وليس من السلف الصالح! كُتّاب وصحفيون، يصيحون ويصرخون ضد قيام رئيس الدولة بالصلاة مع الناس في المساجد، باعتبار أن ذلك، يحرم الجنود الحراس من الصلاة، فضلاً عن التكلفة المالية للحراسة! هؤلاء جميعًا، نسوا، أو تناسوا حقائق مهمّة رسّختها الثورة، ومنها أن زمن الإعلام الخادم للرئيس، وأولاده، وأصهارهم، وشركائهم "في مصر" قد ولّى، وأن تفصيل البرامج على مقاس المذيعات، وتفصيل أو تفضيل المذيعات وفقًا لرغبات رجال الأعمال قد انتهى. لقد بات واضحًا أنه في خضم الهجوم على "الإخوان" يحلو للبعض التهجّم على الإسلام، وكل معاني الأصالة، والفضيلة، والجمال، بدعوى التصدّي ل"الأخونة".. والحق عندي أنه "حق.. يُراد به باطل"! [email protected]