روي ابن أبي الدنيا، عن حمزة الأعمى، قال: ذهبت بي أمي إلى الحسن بن الحسن البصري فقالت: يا أبا سعيد ! ابني هذا قد أحببت أن يلزمك فلعل الله أن ينفعه بك، قال: فكنت اختلف إليه، فقال لي يوما: يا بني، أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه، واِبك في ساعات الليل والنهار في الخلوة لعل مولاك أن يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين. قال: وكنت أدخل على الحسن منزله وهو يبكي، وربما جئت إليه وهو يصلي فاسمع بكاءه ونحيبه، فقلت له يوما: إنك تكثر البكاء، فقال: يا بني ! ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبك؟ يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة، فإن استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل لعله تعالى أن يرحمك، فإذا أنت نجوت من النار. وقال: ما هو إلا حلول الدار إما الجنة وإما النار، ما هناك منزل ثالث. وقال: بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر من دموعه قطرة حتى تعتق رقبته من النار. وقال: لو أن باكيا بكى في ملأ من خشية الله لرحموا جميعا، وليس شيء من الأعمال إلا له وزن إلا البكاء من خشية الله فإنه لا يقوم الله بالدمعة منه شيئا. وقال: ما بكى عبد إلا شهد عليه قلبه بالصدق أو الكذب.