أعلن مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في منطقة الباحة علي بن خميس البيضاني في ليلة تأبين الراحل علي السلّوك يوم أمس الأول عن تبنى المقهى الثقافي التابع لفرع الجمعية اطلاق اسم الراحل علي بن صالح السلوك على مكتبة الأدب الشفاهي، وطباعة ما يجدّ من أعماله بعد أخذ موافقة ورثته خصوصًا ما يتعلق بالأدب الشفاهي النسوي. وكانت ليلة التأبين ليلة قد شهدت استعادت أصدقاء السلوك لسيرته ومسيرته، حيث تناول أستاذ اللسانيات في جامعة الباحة الدكتور جمعان بن عبدالكريم دور المؤرخ الراحل في حفظ ذاكرة المنطقة من خلال المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران، والموسوعة الشفاهية للأدب الشعبي، فيما تحدث المؤرخ محمد ربيع الغامدي عن شخصيته القيادية، وقدراته الشخصية، مشيرًا إلى أنه كمن يتناول سيرة من ثقب باب، كونه تلميذا أمام معلّم، ومنافسا يحاول إثبات وجوده من خلال الحوار والنقاش حول فضاء الجغرافيا وتضاريس التاريخ.فيما وصف محافظ المندق السابق عبدالعزيز أبا الرقوش السلوك بالمدرسة الإدارية، والمرجع في الثقافة واللغة كونه شغوفًا بتدقيق العبارات واختيار المفردات المعبرة. وقارن أستاذ الأدب في جامعة الباحة الدكتور محمد أبو الفتوح بين عمل السلوك في موسوعته وبين عمل الباحثين العرب، خصوصًا حين يعيد الأمثال والحكم إلى أصولها، ويربطها بما يُشاكلها في اللهجات العربية. كما عرض ابن قريته الكاتب عبدالعزيز جُبران مسيرة الراحل في العمل الاجتماعي، كونه أسس أول جمعية تعاونية عام 1388ه، وتبنى من خلالها خدمة قريته بإيصال التيار الكهربائي، وأعقبها بافتتاح أول جمعية خيرية في المنطقة عام 1392ه، مستعيدًا موقفين عايشهما مع الراحل، يتمثل الأول في تلقي السلوك دعمًا سخيًا قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود بمبلغ مائتين وخمسين ألف ريالاً بشيك مصدّق صادر باسمه، فما كان منه إلا جمع مجلس إدارة الجمعية وإشعارهم بوصول المبلغ وإيداعه مباشرة في حساب الجمعية، فيما يتلخص الثاني في شكاوى كيدية رُفعت ضده لوزارة الشؤون الاجتماعية فطُلبَ منه الاستقالة من رئاسة مجلس جمعية قرن ظبي الخيرية، فاستجاب ورفع برقية جرئية مطالبًا الجهات الأمنية التحري عنه ومتابعة حساباته البنكية ومن ثم قبول الشكاوى، وبعد تحر شهور عدة أصدرتْ وزارة الداخلية شهادة براءة ذمة علّقها السلوك في مجلسه وكانت أثمن ما تحصّل عليه ردًا على المشككين في ذمته، وحين حاول البعض إطلاعه على أسماء خصومه، ردّ بعدم الرغبة في معرفتهم إلا أنه متيقن أنهم ممن أحسن إليهم يومًا ما. من جانبه بنى الناقد الدكتور معجب الزهراني في مداخلته على القيمة المعرفية للإنسان بما يتركه من إنجاز وعمل يظل حيويًا وقابلاً للنمو، مطالبًا الباحثين من أبناء المنطقة بمواصلة العمل على موسوعة علي السلوك بما فيها من ثراء شفاهي مغذ للحياة، مبديًا دهشته من باحثين قدّم لهم السلوك معلومات وأسهم معهم في مشاريعهم البحثية فلم يذكروه ولم يشكروه، مؤكدًا أننا أضعف الشعوب في الوعي بالرمزية وإتقان الترميز. وفي مداخلته لخّص علي الرباعي خصائص مشروع السلوك في حُسن انتمائه للمكان وإنسانه، وإتقانه الارتباط بالأرض كونها ذاكرة الإنسان، لافتًا إلى أن السلوك تحول من فرد إلى مؤسسة بوضعه إستراتيجية متقنة لمشروعه، وبامتلاكه الشجاعة الأدبية والثقافة نجح في تحويل نص شفاهي مليء بالحمولات إلى وثيقة مدونة تحولت إلى نص، مؤكدًا أن السلوك انطلق بدافع معرفي بحتْ دون تطلع لجوائز أو ترقية وظيفية، وبتحرر من اضطرار لتحصيل شهادة، مؤكدًا أن جيل الشباب سيعود يومًا لجذوره لأن الشعوب المتحضرة لم تؤسس مدنيتها على القطيعة مع تراثها ولم تهمل أصولها، مشيرًا إلى أن بعض الرواة الشفاهيين يقطعون بأن في موسوعة السلوك نصوصا شعرية نسائية نسبت لرجال لاعتبارات تقليدية وعادات متوارثة. أما ابن الراحل المهندس العقيد زهران علي السلوك فلم يزد في مداخلته عن فخره بانتمائه للراحل ابنًا، مثمنًا لوالدته وفاءها وإخلاصها للراحل، ومقدمًا شكره باسم والدته وإخوته وأخواته لفرع جمعية الثقافة والفنون وللمقهى الثقافي والقائمين عليه والمشاركين في الأمسية.