يقترب عدد سكان كوكب الأرض من 6 مليارات نسمة، وسيرتفع هذا العدد إلى ما بين 8 إلى 9 مليارات بحلول العام 2030م.. يا ترى ما دلالات هذا العدد الهائل؟ وما أثره على موارد الكوكب التي يبدو أنها محدودة بالرغم من أنها متجددة، فالماء مثلًا يتجدد أولًا بأول، وبتقدير العليم الحكيم، وكذلك الغذاء النباتي منه والحيواني. ومع ذلك فالمخاطر قائمة في هذا العالم بسبب سوء التوزيع وبسبب الفساد الذي ظهر في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، وتحديدًا القلة الفاسدة التي تتحكم في القرارات المفصلية في بلادها والتي لا تتردد في اختزال حقوق الآخرين وهضمها إشباعًا لشهواتها وتضخيما لأرصدتها. ولعل من أشهر الأمثلة التي يرددها الخبراء لتوضيح أثر الفساد على نهضة الشعوب أو تخلفها تلك المقارنة بين دولتين متماثلتين في الظروف والموارد والإمكانات، وحتى الظروف المناخية.. الدولتان هما كوستاريكا وهايتي، عدد سكان الأولى 4,3 مليون نسمة، والأخرى قرابة 10 ملايين، ومع ذلك فإن جميع مؤشرات التنمية الإيجابية تميل إلى صالح كوستاريكا التي يبلغ دخل الفرد فيها قرابة 12 ألف دولار، في حين لا يزيد على 1235 دولارا في هايتي.. في مؤشر التنمية البشرية تأتي هايتي دون 150 في حين تحتل كوستاريكا المرتبة 34. وعند البحث في الحقائق المجردة تجد أن الفساد هو العدو الخفي الأول.. وفي حالة هايتي يحمي العسكر هذا الفساد، إذ هم جزء منه، يلتهم الجزء الأكبر من ثروات البلاد وخيراتها. وأول انعكاسات الفساد تظهر في ارتفاعات معدلات البطالة بصورة ملحوظة وتآكل الطبقة المتوسطة وانحيازها إلى الطبقة الفقيرة في حين يشتد ثراء الأثرياء على حساب الجماهير المسحوقة.. وفي العالم العربي عاشت مصر قبل الثورة (80 مليون نسمة) هذا السيناريو الفظيع، إذ اشتدت معدلات التدهور على كل صعيد، فعانى المواطن المصري صنوفًا من القهر والفقر حتى إنه يستحق بكل جدارة كل نياشين (الصبر).. طبعًا ليس لدى الثورة حلول سحرية، لكن المهم هو انتهاء معدل الانحدار، إذ ليس بعد القاع شيء وحان وقت الصعود ولو ببطء مهما اشتد. ما أكبر صدر هذه الأرض، وما أكرمها لو أن الناس أحسنوا إليها. [email protected]