تقول منظمة الصحة العالمية إن عدد المدخنين عام 2008م قد تجاوز 1300 مليون شخص حول العالم، وأنه مع استمرار هذا المعدل، فسينمو العدد إلى 1700 مليون شخص بحلول عام 2025م. وأمّا الوفيات فقد بلغت 4,5 مليون نسمة سنويًّا، بمعدل حالة وفاة كل 6 ثوانٍ. وهو عدد يزيد على مجموع ضحايا أمراض السل، والإيدز، والملاريا مجتمعة. ومن المتوقع ارتفاع عدد الوفيات الناتجة عن أمراض التدخين إلى 8 ملايين شخص سنويًّا بحلول عام 2030م، أي بمعدل وفاة تقريبًا كل 3 ثوانٍ. المؤلم أن 80% من هذه الوفيات ستحدث في الدول النامية. ومعظم هذه الدول فقيرة (خايبة) مدمورة في اقتصادها، متخلّفة في نموها. هذه الكارثة الأولى.. فقر وتدخين. بمعنى أن القرش الذي كان من المفترض أن يذهب لسد جوع طفل منهك، ذهب لتلويث رئة بالغ مدمن. الكارثة الثانية إضرار بالجسد حدّ الموت! لماذا لا يأبه المدخن بكل المؤشرات والتحذيرات الخطيرة عن مساوئ التدخين وأضراره على جسم الإنسان، بدءًا برائحته الكريهة، وانتهاءً بالأزمات الصحية المنهكة؟ إنه الإدمان طبعًا! ولو أن كل مدخن استمع إلى نداء العقل والبصيرة لمَا بقي مدخن على وجه الأرض. والمدمن عادة ما يسوّف الإقلاع إن بدت له نيّة في ذاك الاتجاه، أو أنه يقنع نفسه أن الضرر محدود، وأن كثيرًا من الأطباء يدخنون ولا يبالون، فلِمَ يبالي وحده، والقدر محتوم، والأجل مكتوب، ولن يقصّر في الأعمار شفطة سيجارة، أو استمتاع بجراك وشيشة. وأمّا الكارثة الثالثة، فضعف الحرب على التدخين، خاصة في الدول النامية بدءًا بانخفاض الضرائب المفروضة على التبغ ومشتقاته، وانتهاءً ببرامج التوعية، وعلى رأسها الشرعية التي تؤيد حرمة هذه العادة حرمة شديدة؛ بسبب ما تجره من إنفاق غير جائز للمال، وإهدار للموارد، وتهديد لصحة المدخن ومَن حوله من الأبرياء خاصة الأطفال والنساء. في نظري لا بد من تكثيف الحرب على التبغ ومشتقاته بالقوة نفسها، بل وأشد من الحرب على المخدرات وأشباه المخدرات، فالتبغ متاح في كل ناصية، وأسعاره زهيدة دانية. [email protected]