يخوف الكثيرون بأقلامهم المسمومة من مستقبل سورية ، وخصوصا مستقبل الأقليات فيها ناسين أو متناسين أن من حكم سورية في العقود الأخيرة هم من الأقليات أولا .. كما يخوفون من الإسلاميين الفاتحين القادمين ، وكأن هؤلاء الإسلاميون ليسوا من هذا الشعب أولا ثم أنهم لم يمسوا أحدا بأذى طوال عمر الإسلام في هذه المنطقة ، وعندما حكموا شاركوا الجميع معهم في كل مفاصل الدولة ..وانا لست إسلاميا بالمعنى التنظيمي أو حتى من يناصر أحدا من المتشددين منهم .. ناهيك عن أني لست من دعاة حكمهم للبلاد ؛ بل من دعاة المشاركة الايجابية للجميع .. المعيار هو إخلاصه الوطني والذي له مؤشرات ودلائل عملية خاصة في وقت المحن ، ومنها هذه الثورة المباركة .. ولكن لنقل كلمة في مزاعم المخوفين و"المتخوفين" على مستقبل الاقليات في سورية.. لقد لعبت كل مكونات الشعب السوري الدينية منها والقومية سابقا دوراً أساسيا وفاعلاً في بناء سورية على مر التاريخ ، فتعايشت كل مكونات الشعب السوري دون تفرقة أو تمييز سلميا ، بل وبمحبة دون أي نوازع قومية أو إثنية أو طائفية لآلاف السنين.. فلا يوجد بين السوريين حروب أو خصومات أو ثأرات سابقة ، خاصة قبل حكم عصابة حافظ وابنه بشار الذين لعبوا على وتر الطائفية المقيتة ولا يزالون , محاولين تكريسها لأنها مخرجهم الوحيد للاستئثار بالحكم وخيرات البلاد . إن درجة الوعي العالي والتسامح الكبير بين أطياف الشعب السوري ، شكل لدى السوريين قيما مشتركة تكاد تتميز بها عن كل دول الجوار في المواطنة و المساواة , فجميع السوريين انصهروا في هذا الوطن ،ولعبوا مجتمعين دورا إيجابيا متكاملا في الاستقلال وفي بناء الدولة , كما أنهم عانوا جميعا من الظلم السياسي والقمع على أيدي عصابة البعث منذ نشأته الاقصائية عام 1946 وحكمه الفعلي أواخر الخمسينات وأوائل الستينات ، ولو بنسب متفاوتة معلومة , إلا ان هذا الظلم والاضطهاد والقهر استفحل ضد الانسان السوري أثناء حكم حافظ وابنه بشار.. وسمعت من المغرضين عن تقسيم سورية لدويلات صغيرة تتبع كل منها لقومية أو طائفة ، فنقول لهؤلاء المغرضين أن أحلامهم المبنية على أهوائهم لن تتحقق لما سبق من أسباب تخص التعايش السوري المتأصل والمتجذر ، كما أنه ليس هناك مناطق جغرافية واسعة مخصصة لمكون ما من مكونات الشعب السوري نظيفة من باقي المكونات .. فالتداخل البشري الجغرافي بشكل عام هو القيمة السائدة مع بعض الاستثناءات الخفيفة التي لا تسمح بحال من الاحوال إنشاء دولة عليها لظروف داخلية وخارجية.. واذا ما تكلمنا عن الثورة السورية المباركة حاليا ، والتي تهدف إلى إزاحة اللانظام والإطاحة بعصابة بشار وزبانيته ، وبكل ما أتت به هذه العصابة المجرمة من مصائب على كل الشعب السوري دون استثناء, نستطيع القول أن هناك مشاركة لكل أطياف الشعب السوري ومكوناته في هذه الثورة وإن كانت متفاوتة ولأسباب معلومة أيضا من تخويف اللانظام لهم من الغد المجهول أو من ألسنة خارجية مغرضة لا تريد خيرا لسورية الغد.. كما أننا لا نسمع أصوات تفرقة أو استنكار عاليين تستهجن أو تخون أو تدعو لإقصاء أحد هذه المكونات .. مع بعض الاستثناءات طبعا التي لا تعبر إلا عن أنفسها وهي قليلة جداا.. وإن كان هناك بعض العتب فهو مقبول ومشروع لأنه يجب أن يتشارك الجميع بشكل أكبر في هذه الثورة للتخلص السريع من هذه الفرقة المارقة المجرمة وبناء سورية الحديثة على أسس ديمقراطية تقوم على العدل والمساواة.. فقضية الأقليات ومخاوفها هي من صنع الإعلام المغرض أولا وأخيرا ، والذي تقف خلفه قوى معروفة تستخدمها شماعة لتبرر تخاذلها المفضوح عن مساندة ومساعدة الشعب السوري لنيل حريته وكرامته ، كما أنها أهم ركن من اركان اللانظام لاستمراره وإعطاء عصاباته المجرمة وشبيحته المبررات لكي تمعن أكثر في القتل والتنكيل والإجرام بحق الشعب السوري.. فنقول يجب على جميع الأحرار والشرفاء من أبناء الشعب السوري العظيم من جميع مكوناته الالتحاق والمساهمة الفاعلة والانخراط بهذه الثورة المباركة ، لكي يسهموا ويشتركوا في تكوين وتشكيل النصر القادم بإذن الله قريبا . د. محمد خيري آل مرشد