العلماء والمشايخ في كل زمان ومكان هم بيت الحكمة، ورجاحة العقل، وموئل التسامح، والميل للحوار الوطني العقلاني، وفوق ذلك هم ملاذ الأمة عندما تحيط بها المخاطر والأعداء، ويا له من ملاذ آمن. وعلماء القطيف شأنهم كشأن علماء وطننا الأفاضل يصطفون دائمًا خلف هذا الوطن سدًّا منيعًا ضد العنف، وبث الفرقة؛ لأنهما يهددان النسيج الوطني، ويتيحان الفرصة للمتربصين، وأعداء الأمة للنَّيل منها في أعز وأثمن ما تملكه، وحدتها الوطنية، واستقرارها، وأمنها، وسلامها الاجتماعي.. وعلماء القطيف أعلنوا دعمهم وتأييدهم لمنهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- المنادي بالرفض التام للتصنيفات المذهبية، والأيديولوجية، والمناطقية بحسبان أنها مدخل للتشرذم، ولا تتفق مع روح الإسلام السمحة، وعنوانه البارز، وهو السلام، والأخوة، والطمأنينة. وكان موقف علماء القطيف واضحًا وهم يدعون الشباب للوقوف بحزم ضد العنف بأشكاله وأنماطه المختلفة، ويدينون كل مظاهره، واستخدامه في التعدّي على المصالح العامة والخاصة، وضد أي جهة؛ لأن مثل هذه الممارسات مخالفة شرعية، وإضرار بمصلحة المجتمع والوطن؛ لذا طالبوا الشباب والأبناء باستنكار الاعتداء على النفس والممتلكات "عامة وخاصة"؛ لأنه أمر مخالف لقواعد ديننا الحنيف، وتعاليمه الكريمة، ويدخل مثل هذا الاعتداء في المنهي عنه، ويعتبر من أعظم المحرّمات التي شدد عليها الإسلام. وجاء بيان علماء القطيف منطلقًا من ثوابت هذه الأمة والوطن الغالي، ومشيرًا إلى خصوصية هذا الشعب الذي تعيش كافة أطيافه المجتمعية منذ مئات السنين في ظل وطن متوحد، ينعم كل أفراده بالأمن والاستقرار الذي أرسى دعائمه قادة البلاد، وبذلوا كل مجهود، وضحّوا بكل شيء من أجله.. وأعلنوها صريحة وواضحة "إن خيارنا الوطني الذي نصرُّ عليه هو احترام هذا النسيج، وعدم المساس بالثوابت الوطنية". لقد قال العلماء كلمتهم، والتى تنبع من إجماع شعبي عام، والتفاف المواطنين في كل مناطق المملكة حول مساعي المليك المفدّى، الداعية لرفض التقسيمات -مذهبية كانت أم مناطقبة- والتي تفتُّ في وحدة المجتمع وتماسكه. لقد لقيت دعوة خادم الحرمين الشريفين في مؤتمر مكة للتضامن الإسلامي لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية المتعددة صدى عميقًا، وتجاوبًا واسعًا من العلماء، ومن قبل من كل أقطار العالمين العربي والإسلامي بحسبان أنه سوف يدعم أسس الحوار البناء الهادف النبيل.