قال خطيب جامع أم الخير الشيخ صالح بن محمد الجبري في خطبة الجمعة يوم أمس نحن اليوم في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وغدًا قد يكون العيد أو بعد غد على الأكثر، وسبحان الله فقد انقضى رمضان، ككل شيء في هذه الدنيا إلى زوال فالأعوام والشهور والأيام تمضي، والباقي هو الباقيات الصالحات هو الإيمان والعمل الصالح، كل شيء ذاهب إلا ما قدمت من خير لوجه الله تعالى ومن هنا كان على المسلم بعد رمضان أن يحاسب نفسه ويراجعها، وينظر فيما قدم هل أدى الواجب أم قصر، أما من أدى الواجب فمن حقه أن يفرح، وهذا معنى قول النبي (وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه). للصائم فرحتان: فرح يومي بالفطر عند الغروب، ثم يأتي العيد، فيفرح الصائمون بانتهاء هذا الشهر على خير إنها فرحة بتوفيق الله للطاعة، إنها الفرحة التي عبر عنها القرآن بقوله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون) يونس 85. نعم الفرحة لأهل الطاعة، أما أهل المعصية فلهم الخزي والندامة، الصائمون القائمون في العيد وجوههم مسفره، ضاحكة مستبشرة، أما أولئك فوجوههم عليها غبره، ترهقها قترة، أولئك هم العصاة الفجرة، الذين لم يعرفوا لرمضان حقه ممن يتسمون بأسماء المسلمين، فرمضان أعطاك جرعة إيمانية فاستفد من هذه الجرعة في سيرك إلى الله أما أن تنقطع بعد رمضان عن الله فهذا ما لا ينبغي أما أن تقرأ القرآن في رمضان ثم تهجره إلى رمضان القادم وتحافظ على صلاة الجماعة في رمضان ثم تتركها إلى رمضان القادم أما أن تغض بصرك في رمضان ثم تطلقه بعد رمضان وتسامح وتغفر في رمضان ثم تخاصم وتقاطع بعد رمضان فهذا لا يليق. ومما شرعه الإسلام لاستمرار الطاعة، بعد رمضان، دوام الصلة بالله تعالى بعد رمضان ما حثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم من صيام ست من شوال، فقد قال: (من صام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر). فهذا هو شأن المؤمن، ثابت على الطاعة، مستمر في عمل الخير، لا يتوقف، ولا يرتد إلى الوراء ولا ينحرف يميناً أو شمالاً، لأنه يسأل الله تعالى دائماً أن يهديه الصراط المستقيم. فمن الأعمال المطلوبة في ختام شهر رمضان: فريضة صدقة الفطرة يخرجها المسلم جبراً لما حدث من خلل أو تقصير في رمضان فهي طهرة من اللغو والرفث وطعمة للمساكين كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، لأن فيها اغناء للمساكين عن ذل السؤال يوم العيد فيجب على المسلم إخراجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم من الأولاد والزوجة والوالدين ويستحب إخراجها عن الجنين. ومن أجل أسرار العيد أن نتواصل فيما بيننا ونتزاور تزور أقرباءك وأرحامك وجيرانك وتدخل على الجميع السرور والفرح، فأعلم أنك تقوم بأعظم عبادة تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى ومن مقاصد العيد أن تعود إلى صف المسلمين في الجمع والجماعات في المناسبات في الأعطيات في التبرعات، وأن تقف معهم صفاً واحداً، فأنت عضو حساس من أعضائهم وأنت مضغة في جسمهم، وأنت ذرة من هذا الكيان الخالد فبادر رحمك الله ولا تؤخر عمل الخير.