ثمن عدد من المثقفين والأكاديميين اقتراح خادم الحرمين الشريفين حول تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية يكون مقره مدينة الرياض، مؤكدين أنه يأتي في وقت عصيب تعيشه الامة الاسلامية وحالة ضعف تجعلها بحاجة الى قوة وتوحد، من أجل تجسير الفوارق بين مفاصلها ومذاهبها لتكون أمة واحدة في وجه التحديات التي تهددها وتهدد عقيدتها السمحاء.فيقول الدكتور احمد الزيلعي عضو مجلس الشورى: ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- رجل فكر وسلام ووئام ومحبة، يقدم هذه الدعوة في شجاعة وموضوعية.. ولغة الحوار هو خير رجالها، وما عرف عنه من شجاعة وحكمة، وهذه الدعوة التي اطلقها من مكةالمكرمة ومن افضل بقعة هي دعوة صادقة من رجل صادق حسن النية يهدف من ورائها الى وحدة المسلمين وتعاونهم وتضامنهم على اختلاف مذاهبهم وبناء أوطانهم. ويضيف: للملك تجربة رائدة وغير مسبوقة، بدأ بها في الداخل حيث مركز الحوار الوطني، ثم اطلق حوار الاديان، وان شاء الله سيحقق هذا المركز بين المسلمين الوحدة والتعاون فيما بينهم، ويشير الدكتور الزيلعي الى ان هذه الدعوة ستكون إنجازا تاريخيا للامة الاسلامية، نتمنى أن يسهم في توحيد صفوف المسلمين وقادتهم، وأن يكون له أثره البالغ في القضاء على كل ما يعيق وحدة المسلمين وتضامنهم. مبادرة جليلة ومن جانبه أوضح الدكتور حامد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار أن الدعوة التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين من مكة ومن جوار بيت الله الحرام، وقد احتشد قادة الامة، تأتي في وقتها الصحيح وهي مبادرة عظيمة تضاف الى انجازات الملك الجليلة، وكلها تصب في تحقيق وحدة الامة والتحول بها من الضعف الى القوة ومن الغي الى الرشد، وهي تحمل كثيرا من الحكمة والتبصر، فالحوار منطق الرأي والحكمة، لذلك نحن سعداء في منتدى العالم الاسلامي للحوار بإطلاق هذه الدعوة والمبادرة الجليلة من أجل وحدة الامة، ونحن نواجه تحديات كبيرة وجسيمة على جميع المستويات ونعتبرها نقله جديدة في مسار عافية الامة. وقال الدكتور الرفاعي: إن الحوار هو السبيل الحكيم الذي اعتمده الإسلام في التعريف بقيمه وغاياته.. وفي التعامل مع الآخر في ميادين الحياة، فهو واجب ديني ونهج حضاري ومسلك أخلاقي، وهو ضرورة ملحة لتحقيق الوحدة بين صفوف المسلمين والتعاون والتنافس لتحقيق مصالح الامة والتعايش الآمن بينها والحوار يصبح أكثر وجوبًا وأشد إلحاحًا عندما يحتاج المسلمون الى التوحد. ويقول الدكتور عبدالرحمن بن طالب الاستاذ بجامعة ام القرى إن دعوة خادم الحرمين الشريفين إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية يكون مقره مدينة الرياض يأتي في وقت مهم من تاريخ الأمة الاسلامية حيث التفرق وشدة الخلاف مع وجود وسائل عصرية تؤجج الفتن، وقد حاور الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين وحصل صلح الحديبية وكان له حوار مع عتبة بن عامر وسائر المشركين وأيضا مع اليهود ومع المنافقين ومع الأنصار ومع الملوك والوفود ومع زوجاته وأصحابه والأمثلة في السنة كثيرة جدا. فالحوار من وسائل الاتصال الفعالة حيث يتعاون المتحاورون على معرفة الحقيقة والتوصل إليها؛ ليكشف كل طرف منهم ما خفي على صاحبه منها، والسير بطريق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق. الاختلاف والتعددية وأضاف الدكتور بن طالب: الاختلاف والتعددية بين البشر قضية واقعية، وآلية تعامل الإنسان مع هذه القضية هي الحوار الذي يتم من خلاله توظيف الاختلاف وترشيده بحيث يقود أطرافه إلى فريضة التعارف، ويجّنبهم مخاطر جريمة الشقاق والتفرق. وقد عرض القرآن جملة من الحوار تنبيها لنا للأخذ بها فالله سبحانه ذكر الحوار مع موسى عليه السلام ومع عيسى عليه السلام في الآخرة كما أنَّ دعوات الرسل كلها كانت محكومة بالحوار مع أقوامهم، وقد أطال القرآن في عرض كثير من إحداثيات هذه الحوارات بين الرسل وأقوامهم وأيضا حوار سليمان عليه السلام مع الهدهد والذي انتهى بإسلام ملكة سبأ ودولتها. فإذا عالج الحوار قضية الاختلاف بين المذاهب الاسلامية من خلال كشفه عن مواطن الاتفاق ومثارات الاختلاف؛ لتكون محل النقاش والجدل بالتي هي أحسن لمعرفة ما هو أقوم للجميع؛ وخرج بنتائج فيها مصلحة للأمة الاسلامية في هذه الظروف الحالية فهذا المطلوب وهذا ما اراده خادم الحرمين الشريفين.