إنه من المؤسف حقًّا وصدقًا ضعف اللغة العربية، الذي أصبح واضحًا جليًّا وضوحَ الشمسِ في رابعة النهار -كما قالت العرب- في قنواتنا الرسمية، وما لاحظته مؤخرًا في شهر رمضان، وأنا أتابع نقل صلاة المغرب من المسجد النبوي الشريف في قناة السنة النبوية، أخطاء لغوية في النحو، والصياغة، والأسلوب لا تليق بمكانة وعظم الزمان والمكان، فاللحنُ في اللغةِ يؤذي كلَّ غيورٍ على لغته، فما بالنا وهذه القناة تنقل الشعائر إلى كل أرجاء المعمورة؟! تساءلتُ كيف يخرج من بيننا هذا الضعف، ونحن من أرض العربية الفصحى، والشعر، والخطابة، والتي نزل الوحي على أهلها بلغتهم؛ لتكون خالدةً ما بقي الزمان. كيف بنا ونحن بالأمس كنا نأنس ونفخر بخيرة القوم من الإعلاميين، والمذيعين المتمكّنين من اللغة، وليس ذلك الزمان ببعيد. إن كانت المجاملات يمكن أن يركن إليها في أي شيء كان، ورغم إيماننا بأن هذا الأمر غير مقبول، ولا متفق عليه، وننكره، بل لابد أن نعترف أنه موجود في واقعنا، ولكننا هنا نتحدث عن الإعلام، فأمره خطير، واللغة لا يتم التهاون في حقّها. رسالة عاجلة إلى مَن بيده مقاليد الأمر.. أنقذوا أسماعنا من هذه اللغة الضعيفة، وهذه الأخطاء الفادحة، وافتحوا المجال للمتميّزين فقط ليتحدثوا عبر قنواتنا الفضائية التي تصل إلى كل بقعة على وجه الأرض. في سالف الأيام كُنَّا نتعلّم أصول اللغة، ونستمتع بجمال الأسلوب، وتعلّمنا عشق اللغة عبر بوابة مذيع مُتمكِّن في نشرة الأخبار، أو برنامج ثقافي، أو مسلسل هادف يتحدّث فيه الممثلون باللغة العربية الفصحى، خاصة المسلسلات اللبنانية القديمة، أو من خلال برنامج الشعر العربي الجميل في آخر الليل عبر صوت المذيع المتألق ماجد الشبل، أو برنامج المسابقات الذي كان يقدمه الدكتور عمر الخطيب. تلك محطات لغوية كان مَن يُقدِّم فيها لا يعرف اللحن طريقًا إلى ألسنتهم إطلاقًا. في كل دول العالم هناك معاهد متخصصة لتعليم فنون الإلقاء، والخطابة، وإتقان اللغة الأم، ولا أعتقد أن عربيًّا يعتز بهويته يرضى أن تُنتهك قواعد اللغة العربية في بلد هو مأرز اللغة، وموطنها الأصيل، من هنا كان يُشار إلى الخطباء والشعراء في كل وادٍ يبدعون، وسجل لنا التاريخ أمجادهم اللغوية. ولن تعجز أرحام الأمهات أن تنجب لنا خطيبًا مفوّهًا، أو متحدثًا لبقًا يتقن اللغة، ويعتز بها، ويحترم قواعدها. عذرًا لغتنا العربية.. هذه كلماتي لأني أحبك، وأحزن كثيرًا عندما أفتقد أصواتًا خالدة نشأت على سماعها، وكنت أظن أنني لن أفتقدهم، ولكن أتمنى من الأحياء منهم إنقاذ ما يمكن إنقاذه لتعليم الجيل الجديد احترام اللغة. أحلم بحملة وطنية عن اللغة العربية يقودها رموز إعلامية وطنية من الإعلاميين الأوائل، فهم كنز عظيم لابد من الاستفادة منه. [email protected]