ليست هناك قضية تُشْغِلُ بالَ كثيرٍ من المواطنين، قَدْرَ حصولهم على السّكَن، وسياسة الدولة وَفْقَ خُطّة التنمية التاسعة (الحالية) تعتمد على " إعطاء الأوّلِيّة في الدعم الحكومي لقطاع الإسكان، للفئات التي تعجز عن توافر السكن الملائم، من خلال آليات السوق" كما أنّ " رفْع مُعَدَّل مِلْكِيّة المواطنين للسكن، لتتواكب مع المعدلات العالمية المتميزة" أمْرٌ مُقَرٌّ في الخُطّة نفْسِها، ولا بد من الوفاء به، على نحو يجعل المواطنين ذوي الدخول المنخفضة، قادرين على تحمُّل دوْرِهم في التنمية، وتأمين حياة أفضل، ومستوى معيشي أحْسَن. ولقد توقفْتُ طويلا أمام تقرير نشرتْهُ هذه الصحيفة ( 15 شعبان 1433ه، ص 17) كشف عن أنه " ليس في مقدور المواطنين، من ذوي الدخل المنخفض، والمتوسط، تَحَمُّل تكلفة امتلاك مسكن خاص" وتبدو المشكلة عَصِيّة على الفهم إذا كان- كما قال التقرير-:" أقلُّ مِن نِصْفِ سُكان المملكة، يملكون مساكن خاصة بهم" وتلك هي المعضلة الكبرى، وبخاصة إذا عرف المرء أنّ هذا النِّصْف جُلُّهُ من ذوي الدخول المتوسطة، والمنخفضة، وممن يكتوون بنيران غلاء الأسعار، وارتفاع معدلات إيجارات المساكن، ومن ثم فامتلاك السكن أمر لا يمكن تحقيقه، مع أنه عملية مشروعة، وتشترك فيها جميع شعوب الأرض. الدكتور صالح السُّلْطَان (دكتوراه في الاقتصاد) انضم إلى قائمة الذين يَرَوْن أنّ نظام الرهن العقاري، لا يَحِلُّ مشكلة الإسكان، لافتا إلى " أنّ نِسْبَة المواطنين الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على تملك سكن مناسِب في تزايد" وعزا ذلك ل" أن مِلْكِيّة سكن مناسِب صعبة، أو خارج القدرة المالية لأكثرية العائلات، حتى مع وجود تمويل لمدة طويلة، مثلا عشرون عاما" (صحيفة الاقتصادية، 4 رمضان 1433ه، ص 12) وتلك قضية تنطلق من إعادة ترتيب العلاقة، بين الإنسان وحقه في السكن. المجتمع السعودي في حاجة لقطاع إسكان، قادر على توفير مقومات الراحة والرفاهية السكنية للشرائح الاجتماعية المختلفة، في جميع مناطق المملكة، وتوفير سكن لائق ومناسِب للمواطنين، وتتعاظمُ قضيةُ الإسكان في هذا المجتمع، لارتباطها بأكثر حاجات الإنسان إلحاحا، والسياسة السكانية في أيِّ مجتمع، هي الإطار التنظيمي لحقوق الإنسان، ومن ثم فهي لا تقبل التأجيل، بل تحتاج لتأصيل في حياة الأفراد، والجماعات، والمجتمعات، وفي مرافق الحياة كافة. المواطنون ذوو الدخول المنخفضة، والمتوسطة، يبتغون السَّكن المناسِب، فحققوهُ لَهُم، ولا تَدَعُوا آمالَهُم تتبدّد. [email protected]