يطلّ علينا قريبا بإذن الله شهر رمضان أهمّ مواسم الخيرات والطاعات، التي جعلها الله لنا بين حين وآخر محطات إيمانية نتزوّد منها بالزاد الحقيقي والأهمّ في الدنيا والآخرة . والعاقل الموفّق هو من يغتنم هذه المواسم فيملأ يده من خيرها.. ويعي أن موسم رمضان مضمار يتسابق فيه المتسابقون ويتنافس المتنافسون على الطاعات ونيل رضوان الله . قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه". أمّا الأحمق المغفّل فهو من يضيّع هذا الخير ويضيّع أوقاته في لهو وسفه. ومن المؤسف المؤلم أن نرى حولنا من بدأ يستعد لرمضان بما يلهيه عن التزوّد بالزاد الصحيح في هذا الشهر. فتجده يصرف جلّ همّه في هذا الشهر في متابعة المسابقات والمسلسلات والسهر في المقاهي وإطالة النوم طوال نهار الصوم منهم من يفعل ذلك تفريطا ومنهم من يفعله بحجة أنه سهر ليضمن صلاة الفجر في موعدها .. فأضاع صلاتي الظهر والعصر !! ومنهم من يتحجّج بطول النهار وحرّ الصيف !! وكثير منهم من تجده كان مفرّطا في الأعوام الماضية وقد وعد ربه إن أدرك رمضان المقبل أن يجتهد اجتهادًا عظيما، ولكنه ينسى موعدته تلك، ولا يتذكّرها إن أعمارنا تمضي بنا سراعًا إلى قبورنا ونحن لا نشعر، ومواسم الخير تمر ّبنا ونحن على حالنا لم نزدد إيمانًا ولا عملاً صالحًا. إننا نسرف كثيرا في إهدار العمر، وإضاعة الوقت فيما لا يفيد. قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله تعالى والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها". واليوم ونحن ننتظر قدوم شهر تعظم فيه الخيرات، وتتنزل فيه الرحمات، وتفتح أبواب الجنان فلا يغلق منها باب، وتغلق أبواب النار فلا يفتح منها باب، علينا أن نعدّ له عدته. ومن وعد نفسه وربه فليتذكر من الآن وعوده في الأعوام السابقة، ولا يجعل رمضان هذه السنة كما مضى من رمضانات أضاعها في اللهو والعبث، والنوم والغفلة. فإنه سيمضي كما مضى غيره من الأشهر والأعوام، والسعيد من قضى أوقاته في طاعة الله تعالى، والشقي من أضاعها في المعاصي. [email protected]