عندما وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله - الدعوة لأخيه فخامة الرئيس المصري محمد مرسي لزيارة المملكة بعد بضعة أيام فقط من تسلمه مقاليد الحكم في بلاده كأول رئيس للجمهورية المصرية الثانية، وعندما بادر الرئيس مرسي بتلبية الدعوة بسرعة لافتة لتكون المملكة أول محطة في زياراته الخارجية، فإن ذلك المشهد الرائع حمل مضمون رسالة واضحة لها دلالتها الخاصة، بما عكسته أولاً من أهمية العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين الشقيقين، وثانيًا مدى ما تستشعره القيادتان السعودية والمصرية من حجم وأمانة المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه القضايا العربية والإسلامية بما استدعى هذه القمة العاجلة من أجل تحديد رؤية موحدة وموقف مشترك إزاء القضايا والأزمات التي تشهدها المنطقة خاصة على صعيدي الأزمة السورية والقضية الفلسطينية وحيث تشكل المملكة ومصر مركز الثقل العربي في مواجهة التحديات والمخاطر التي تستهدف الأمة انطلاقًا من المسؤولية التاريخية والأخلاقية المناطة بهما التي تقتضي الحرص على أمن وسلامة المنطقة واستقرارها. الحفاوة البالغة التي قوبل بها الرئيس مرسي من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والمباحثات الهامة التي طرحت خلال اللقاء وتركيزها على سبل دعم وتوسيع آفاق التعاون بينهما في شتى المجالات، وذلك في أجواء من التفاهم المشترك والالتقاء في وجهات النظر، كل ذلك قدم الدليل الساطع على رسوخ العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين، واستمرار مسيرة التشاور والتعاون والتنسيق بينهما في كل ما من شأنه خدمة مصالح البلدين والشعبين الشقيقين اللذين ربطتهما الأقدار برباط عقدي وحضاري وتاريخي وجغرافي لا تنفصم عراه، بحيث اعتبر العديد من المراقبين أن تلك الزيارة بهذه الأبعاد وبكل ما انطوت عليه من دلالات هامة جاءت تعبيرًا عن آمال الأمة وتطلعاتها للخروج من دائرة المخاطر التي أصبحت تلتف حولها من كل صوب، إلى جانب كونها مرحلة جديد في العلاقات بين أكبر بلدين عربيين في حجم الدور الذي تضطلعان به على الصعيدين الإقليمي والدولي باعتبار الرياض والقاهرة من أهم عواصم القرار الإقليمي والدولي، وباعتبارهما أيضًا قطبين أساسيين في توازن معادلة أمن المنطقة وسلامها واستقرارها.