وضعت الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس المصري د. محمد مرسي للمملكة أمس ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وولي عهده الأمين سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حدًا لمحاولات البعض إحداث شرخ في العلاقة الوثيقة بين البلدين الشقيقين، حيث أثبتت بكل جلاء أن تلك العلاقات المتجذرة في أعماق التاريخ غير قابلة للاهتزاز وأن ما قامت به بعض الجهات المدسوسة من محاولات يائسة للوقيعة بين البلدين التوأمين باءت كلها بالفشل الذريع وتحطمت على صخرة هذا اللقاء التاريخي الذي أكد مجددًا على متانة ورسوخ تلك العلاقة، بما حمل الرسالة واضحة إلى العالم بأنه طالما أن المملكة ومصر يواصلان مسيرة التنسيق والتعاون والتشاور بينهما فإن العالم العربي والأمة الإسلامية سيظلان قادرين بإذن الله على مجابهة كافة التحديات والمخاطر التي يواجهانها، استنادًا إلى الحقيقة الإستراتيجية التي أثبتها التاريخ بأن المملكة ومصر يشكلان معًا محور الارتكاز للأمن القومي العربي. لا تكمن أهمية هذه الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس مرسي تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين لأنها المحطة الأولى في زياراته إلى الخارج، وليس أيضًا لأنها تتم في ظروف حرجة ودقيقة تمر بها الأمة في معظم بلدانها، وإنما أيضًا لما تمثله من معاني ودلالات أولها ما يتمتع به البلدان من ثقل حضاري ومكانة متميزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فالمملكة كونها قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم باعتبارها أرض الحرمين الشريفين، وأيضًا لما تتمتع به من ثقل اقتصادي وجيوسياسي وإستراتيجي جعل منها إحدى عواصم القرار في عالم ما بعد الحرب الباردة، ومصر أيضًا لمكانتها الدينية باعتبارها الأرض التي تقدست بخطو أنبياء الله ورسله إبراهيم وموسى وهارون ويعقوب ويوسف والمسيح عليهم السلام ودورها التاريخي في حماية الحضارة العربية والتراث الإسلامي الذي تمثل في الأزهر وفي هزيمة المغول والصليبيين، وفي الدور الذي لعبته أيضًا في العصور الحديثة أدبًا وفنًا وعلمًا وتنويرًا، إلى جانب دورها ومكانتها السياسية المتميزة عربيًا ودوليًا. هذه الزيارة الناجحة بما أسفرت عنه من نتائج إيجابية وتفاهم مشترك ومواقف موحدة لابد وأن تعطي دفعة قوية للعمل العربي المشترك في المرحلة الحرجة التي يمر بها الآن.