رغم أنني كنت ولا أزال من مؤيدي قانون العزل السياسي الذي دعت القوى الثورية في مصر إلى تطبيقه على المرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق، على اعتبار أنه واحد من رموز النظام السابق، فإنني لا أفهم مطالبة القوى الثورية بتطبيق قانون العزل الآن، بعد أن قبلوا في الأساس بدخول شفيق الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية! لقد قبل الثوار أن يخوضوا اللعبة بناءً على القواعد التي وضعها المجلس العسكري الحاكم، كما قبلوا بدخول الانتخابات والتصويت فيها رغم وجود الفريق أحمد شفيق من ضمن المرشحين، فلماذا الآن وبعد أن تمكّن شفيق من النجاح في دخول جولة الإعادة، يقوم الثوار بمحاولة نقض اللعبة التي ارتضوا بقوانينها من الأساس؟! لقد كتبت عددًا من المقالات قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، قلت عبرها إن الانتخابات لن تضمن وضع حجر الأساس للدولة المدنية والنظام اللذين يعمل الثوار على إيجادهما، طالما أن صلاحيات الرئيس لن تكون معروفة بسبب عدم وجود دستور يحدد طبيعة هذه الصلاحيات، ويوضح الآليات القانونية والتنفيذية للفصل بين السلطات الثلاث: القضائية، التشريعية، والتنفيذية. العربة لا يمكن أن توضع أمام الحصان، والانتخابات التشريعية والرئاسية لا يمكن أن تجريا قبل كتابة الدستور، هذه مراهقة سياسية انْجَرّ الثوار إلى ممارستها، وعليهم الآن أن يتحملوا نتيجة سذاجتهم وعدم نضجهم السياسي. القانون لا يحمي المغفلين، ولعبة الانتخابات، كانت ولا تزال محكومة بضوابط قانونية محددة، صحيح أن القوانين وضعت بغرض سرقة الثورة، لكن الثوار قبلوا بها ولم يفعلوا كما فعل الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن منذ وقت مبكر انسحابه من اللعبة اعتراضًا على القوانين التي تحكمها. وهو بالمناسبة نفس ما فعله الرجل مع النظام السابق عندما دعا الأحزاب والجمهور بصفة عامة، إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي سبقت اندلاع الثورة بشهور، اعتراضًا على عدم إجراء تعديلات دستورية تضمن سلامة العملية الديمقراطية. الثوار قبلوا بالقانون لكنهم لم يقبلوا بالنتيجة، وهي حالة من النزق التي يعبر عنها المصريون بمفردة رائعة هي (الحَمْرَقَة)، هذه المفردة يتم استخدامها في العادة عندما يرفض أحد ما نتيجة مباراة انهزم فيها، ومن ثم يرفض اللعب بناءً على ذلك. الخطأ في قوانين اللعبة لا في النتيجة. [email protected]