انتهى اجتماع القمة التشاورية الأخيرة التي عقدت في الرياض إلى اتفاق قادة الخليج بالتأني لمزيد من الدراسة لاستكمال توصيات اللجنة التي تدرس آلية الانتقال، وهو ما سيؤجل البت في فكرة الاتحاد الخليجي للاتفاق على مفهوم الانتقال والوقت الذي تحتاجه الدول المعنية للتوصل للصيغة المناسبة للاتحاد المقترح. *** وإذا كان شكل وملامح هذا الاتحاد هو اليوم في أيدي لجنة الخبراء الذين كلفهم قادة دول الخليج بمزيد من الدراسة، فربما كان في التصريحات التي سبقت اجتماع القمة التشاورية ما يمكن أن نعتبره ملامح لهذا الاتحاد المتوقع، وأبرزها تلك التي قالت بها السيدة سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الاعلام في البحرين في تصريحاتها قبل اجتماع القمة الأخير بأنه "ستبقى كل دولة مستقلة وتحتفظ بعضويتها في الاممالمتحدة، ولكنها ستتحد في القرارات الخاصة بالعلاقات الخارجية والأمن والقوات المسلحة والاقتصاد". فهدف الاتحاد الخليجي كما يحمله هذا التصور يؤكد على توثيق أواصر التعاون بين دول الخليج في مجالات الأمن والسياسة الخارجية لمواجهة التحديات التي فرضتها التغيرات الإقليمية بعد انتفاضات الربيع العربي من جهة، والعلاقات المتوترة مع إيران من جهة أخرى. *** المتوقع إذن هو قيام شكل من الإتحاد يقترب من الصيغة الكونفدرالية تتشكل بموجبه هيئة قيادية عليا من قادة الدول الست، ويناط بها مهمة اتخاذ القرارات الاستراتيجية السياسية والعسكرية على وجه التحديد. لكن من الواضح أن خيار تحقيق شكل متقدم من أشكال الاتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي أصبح أمراً حتمياً لا يحتمل الجدل اذا ما أراد المجلس أن يكون قادرا على مواجهة اي تحديات محتملة تستهدف مصالح دوله وأمنها بل وتستهدف بقاءها. ولكن الامر الحتمي كذلك، كما يقول رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون، هو ان هذا لا يتحقق "إلا في ظل أنظمة متشابهة منفتحة على شعوبها وخاصة ما يتعلق منها باحترام حقوق الانسان والحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي وحق المشاركة الشعبية في صنع القرار وهو ما نتمنى ونتطلع الى ان يتحقق في جميع دول مجلس التعاون في وقت قريب حتى يقوم الاتحاد في ظله" . نافذة صغيرة: [آن الأوان لأن نمتلك الشجاعة الكافية لنٌقرر أن الاصلاح الذاتي وتطوير المُشاركة السياسية هما المنطلقان الأساسيان لتجاوز الأزمة الهيكلية التي تتعرض لها دولنا العربية .. فغيابُ المشاركة السياسية الفاعلة هو المُفضي إلي توالي الأزمات، وهو المؤدي إلى تعميق التشوهات، هو المتسبب في فقدان القدرة على مواجهة التحديات ... لذا فإن تطوير المشاركة السياسية لابد من أن يندرج في إطار إصلاحي شامل وحقيقي، وإلا لفقد معناه وأفضى إلى تغيير شكلي لا يُعتد به.] سعود الفيصل [email protected]