عقد مواطنو دول مجلس التعاون آمالهم على القمة التشاورية التي عقدت في الرياض، منتظرين أن تكون قمة إعلان قيام اتحاد دول الخليج، غير أنهم قبلوا تأجيل ما حلموا به وتطلعوا إلى تحقيقه، مطمئنين أن قادة الخليج أكثر منهم حرصا على تحقيق هذا الحلم الخليجي وأكثر منهم إدراكا لقيمته وأهميته، وأن ما أقره قادة الخليج في قمتهم التي عقدت في الرياض من إخضاع صيغة الاتحاد للدراسة وتكليف لجنة وزارية بدراسة كافة جوانب مشروع الاتحاد إنما هو من باب الحرص على أن تكون صيغة الاتحاد مبنية على أسس علمية دقيقة وراسخة تكسب الاتحاد القوة التي ينبغي أن يتسم بها والتماسك الذي ينبغي أن يكون عليه، بحيث يكون أكثر جدوى وفائدة وقدرة على مواجهة التحديات بحيث تمكن الدراسة لكافة الجوانب من معرفة أي عوائق يمكن لها أن تحول دون أن تحقق صيغة الاتحاد أهدافها ومعرفة السبل التي يمكن من خلالها التغلب على كافة المعوقات ووضع الحلول اللازمة لأي معوقات تظهر مستقبلا. أبناء دول الخليج يتطلعون إلى قيام الاتحاد الخليجي عاجلا وأن يروه ماثلا للعيان، ولكنهم في الوقت نفسه يتفهمون أن ذلك الاتحاد بحاجة إلى مزيد من الدراسة كي يكون تحقيقه بحجم طموحاتهم وتوقعاتهم وهم يعرفون أن ثمة تجارب عربية حاولت الدخول في صيغ اتحادية لم تلبث أن فشلت لأنها لم تكن مبنية على دراسة علمية دقيقة ولم تكن تستشرف المستقبل وتعرف ما يمكن أن يطرأ فيه من مستجدات وتضع الخطط الملائمة لمواجهتها، ولذلك لا يريد المواطن الخليجي للاتحاد الذي يتطلع إليه أن يكون على غرار تلك المحاولات بل اتحادا صامدا قويا قادرا على الاستمرار ومواجهة التحديات والمستجدات. ورغم ذلك كله فإن المواطن الخليجي يتطلع أن تنجز اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة الاتحاد أعمالها في القريب العاجل لكي يتحقق تطلعه بقيام الاتحاد قريبا، فالتحديات لا تقبل مزيدا من التأجيل لقيام الاتحاد الخليجي المأمول.