لا تذكر كلمة "الاتحاد" في القاموس العربي، إلا ويستدعي العقل بعدها كلمة "القوة"، فالاتحاد قوة، هكذا يقول ديننا الحنيف، وهكذا تروي تجارب التاريخ الإنساني كله، وهكذا يتجه القادة كلما أرادوا تحصين الأوطان وتأمين المواطنين وتحسين نوعية الحياة لهم. في القمة التشاورية الخليجية بالرياض اليوم، يناقش القادة الخليجيون سبل إنجاز مشروع الاتحاد الخليجي الذي تقدم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى القمة الخليجية في ديسمبر الماضي، بعدما مرت نحو ستة أشهر كانت التطورات الإقليمية والدولية قاطعة خلالها في تأكيد أهمية التقدم بخطى أسرع نحو إنجاز مشروع الاتحاد. التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي، والتطلعات المشروعة لشعوب دول المجلس في الأمن والرفاه والحياة الكريمة، وكذلك في الإسهام بدور أكبر في إثراء الحضارة، والنهضة العلمية للإنسانية جمعاء، كلها عوامل ومحفزات للسلوك السياسي الخليجي باتجاه الوحدة، صونًا لثروات مستهدفة، وتأمينًا لحدود تحدق بها الأخطار، ويتقافز حولها الطامعون. أمن دول مجلس التعاون كان ومازال وسيظل الشغل الشاغل لقيادات دول المجلس، وهو لن يتحقق ويصان بغير إرادة خليجية واحدة، وقدرات خليجية موحدة، وقوة عسكرية خليجية عالية التسليح والتأهيل، وقادرة على حفظ الأمن ورد العدوان وردع المعتدين. كل تلك الأهداف لا تتحقق بغير الاتحاد، الذي بات هدفًا تتطلع إليه شعوب دول مجلس التعاون، ومهمةً يتعهد القادة ببذل أقصى الجهد لإنجازها على الوجه الأكمل. يقول خبراء الإستراتيجية: إن الاستعداد للحرب هو أقصر الطرق لمنع حدوثها، وهي النظرية الطبية نفسها القائلة: إن الوقاية خير من العلاج، والاتحاد في أحد تجلياته هو نمط من أنماط بناء القوة التي تردع الطامعين وتخرس ألسنتهم، وهو أيضًا شكل من أشكال الوقاية التي تصد فيروسات العدوان وتقتل ميكروبات الطمع لدى من يريدون النيل من أوطاننا.