من الظواهر اللافتة، التي تجثم بكلكلها على جُلّ أحياء مدينة جدة، إلى حد كتم أنفاس هذه المدينة، التي ما برحت تتداعى تحت وطأة مشكلات عدة، من أبرزها عمليات الهدم التي تتعرّض لها المباني القديمة، بذريعة إعادة بنائها، وتطويرها، وتحويلها إلى مبانٍ سامقة، تشرئب إلى عنان السماء، وذلك بحجة حل المشكلة الإسكانية التي تعاني منها جدة، وذلك بتوفير الوحدات السكنية الملائمة!! إلاّ أن مَن سمح بتعدد الأدوار، وبناء هذه العمائر في أحياء مدينة جدة القديمة، وبالذات في الشوارع الداخلية للأحياء، والتي لا تتجاوز في العادة عرض "12م، وحتى 16م"!! ممّا يزيد طينة الازدحام والاكتظاظ بلة، وخاصة عندما يرخي الليل سدوله، ويؤوب الناس إلى دورهم يبدأون في البحث عن مواقف لسياراتهم "مركباتهم"، فعمارات من "7" أدوار على مساحة "600"، وفي كل دور "4" إلى "5" شقق؛ ممّا يعني 35 شقة تحتاج إلى 35 موقفًا، فإذا توافر تحت العمارة مواقف "10" سيارات، وفي هذا مبالغة، يا ترى فأين يقف الآخرون!؟ بالطبع في الشوارع المكتظة، والأزقة المجاورة. إن أمناء جدة السابقين، ونخص الذين وافقوا على إستراتيجية تعدد الأدوار على نحو عشوائي؛ بحجة أن التمدد الرأسي أقل كلفة من التمدد الأفقي، "رغم أننا دولة مترامية المساحة"!! فاتهم ما شكّله هكذا توجه من ضغوطات غير مسبوقة على الخدمات البنيوية للمدينة، تظهر هذه الضغوطات بوضوح عند أزمات المياه المتكررة، وامتناع مقاولي الصرف الصحي عن العمل، وانقطاعات التيار الكهربائي المفاجئة، علاوة على ما سبق هناك أحياء اشترى الناس، وبنوا فيها على اعتبار أنها فلل، وفي بعض الأحياء لا تزيد عن "3" أدوار، واليوم اختلط حابل الأحياء الراقية بنابل الأحياء الطارئة، التي أودت بأفق المدينة "Skyline" إلى مهاوي الردى العمراني، لا مانع من الهدم والبناء المقنن، الذي لا يضر الأحياء كما هو مشاهد الآن!!. الغريب أن العمائر الجديدة توفر المواقف المحدودة، وبعد وصول الخدمات.. تلغى المواقف، وتحوّل إلى مساكن تؤجر للعمالة وذوي الدخول العفيفة!!. الرجاء إعادة النظر في التصريح لهذه المباني القميئة، وحصرها فقط على الشوارع الرئيسة "20م، 25م"، حماية للأحياء من عشوائية الاكتظاظ. * ضوء: "مَن أمن العقوبة أساء الأدب". [email protected]