كشف الباحث النفسي والاجتماعي بشرطة المدينةالمنورة الدكتور نايف المرواني ل «المدينة» أن الجناة من الذكور بقضايا الابتزاز يفوق الإناث، وتتراوح أعمارهم بين (20 - 35) سنة، فيما يربطهم دافع مشترك في جرائمهم وهو (الانتقام)، مشيرًا إلى أن الواقع الإحصائي المعلن (فقط)، يبين انخفاض معدل الابتزاز في المجتمع، إلا أن الإحصاء غير المعلن يزخر بكم من قضايا الابتزاز المتوارية بسبب القيم الاجتماعية والدينية، وشيوع ثقافة العيب، التي تدفع ببعض أفراد المجتمع إلى الإحجام عن الإبلاغ عن قضايا الابتزاز ومعالجتها في إطار ضيق يشمل أطراف القضية، من حيث البلاغ والجهة المعالجة مما يحول دون الإبلاغ عن قضايا الابتزاز. سوء استخدام التقنية وأكد المرواني أن الابتزاز من الظواهر الإجرامية الخطيرة التي انتشرت في المجتمع بصورة لم تكن مألوفة من قبل، أفرزته أدوات التقنية الحديثة، حيث أُسيء استخدامها من بعض ضعاف النفوس ووظفت من أجل تحقيق نيات سيئة يساعد في بلوغها سهولة ارتكابها ويسر اقتنائها. خضوع الضحية وأضاف المرواني أن المجرم يرتكب جريمته بعيدًا عن الأنظار، وفي ظروف تتيح له التفكير والتخطيط والتنفيذ، ويستمر في تكرار فعله الإجرامي طالما أن الضحية خاضع لأساليبه الابتزازية، سواء كان الابتزاز ماديا أو معنويا أو وظيفيا أو عاطفيا، ما لم يتقدم الضحية ببلاغ للسلطات الأمنية. الابتزاز العاطفي واضاف: فتجد المبتز يحاول الحصول على المال مستغلًا سذاجة الطرف الآخر والتغرير به بربطه بوعود واهية وأخذ ضمانات مالية بمثابة آداة من أدوات الابتزاز تستخدم للضغط عليه والخضوع له، مبينا أن ذلك يحدث في حال الابتزاز العاطفي، أو ما يسمى (بالإلكتروني)، عند وجود علاقة (غير مشروعة) بين رجل وامرأة وتهاون الفتاة، وربما لا تدرك عواقب الأمور، فتقوم بإرسال صورها عبر الوسائط الإلكترونية المتعددة، أو تحتفظ بصورها في جهاز الجوال، ليقوم الطرف الآخر بالتهديد والوعيد في حال عدم الرضوخ لمطالبه من دفع أموال أو النيل من عرض الفتاة، فتضطر الفتاة للاستجابة له وتلبية رغباته من دفع أموال. أزمة نفسية للضحية وبين المرواني أن الضحية قد تقدم له عرضها ثمنًا لابتزازه وقد ينتهي الأمر بالكف عن الابتزاز، وهذا نادر ما يتحقق - إلا أن الغالب الاستمرار على هذا النهج الدنيء، مما يسبب أزمة نفسية للضحية كالخوف والقلق، ومحاولة الانتحار أو الانتحار للتخلص من تلك الأزمة المؤرقة للضحية، وأحيانًا تلجأ الضحية إلى ارتكاب جريمة السرقة والنصب والاحتيال والكذب، من أجل الحصول على المال لتلبية رغبات المبتز ليزداد الأمر سوءً. الابتزاز الإلكتروني وأوضح أن الابتزاز العاطفي (الإلكتروني) يكمن في صعوبة اكتشافه كونه يحدث في الخفاء، وأطرافه محددون في الغالب لا يتجاوز الاثنان، بخلاف الأنواع الأخرى من الابتزاز فهي تحدث علانية ومن السهل كشفها ناهيك عن الآثار المترتبة على الابتزاز العاطفي الذي يمس كيان الإنسان بصورة مباشرة، ويعد تحديًا للقيم الاجتماعية والدينية. مصنفة كجريمة واضاف: أن الابتزاز يعد جريمة وفق التصنيف والتكييف القانوني والإجرامي، والشرطة معنية بالتعامل معه كسلطة ضبط، مؤكدا أن الابتزاز لم يصل إلى درجة الظاهرة الاجتماعية، أو سلوك خاص بجنس دون الآخر، بل هو مشترك بين الجنسين. وعن الأسباب التي تؤدي إلى الابتزاز قال انها متعددة ومتداخلة، ولا يمكن أن نعزيه لسبب بعينه، فعندما تكون الذات الداخلية ضعيفة، لغياب الوازع الديني والضمير الأخلاقي، وضعف التنشئة الأسرية، وغياب رقابة الأسرة على الأبناء، ليجد السلوك المنحرف مساحة ملائمة وآمنة تُعين على رسوخه في فكر مرتكبه. مثلث الجريمة وأوضح الباحث النفسي والاجتماعي بشرطة المدينةالمنورة أن الدراسات الجنائية تشير إلى أن وجود الفرصة من أهم وسائل الإقدام على ارتكاب الجريمة، وقد حدد للسلوك الإجرامي مثلثًا يطلق عليه مثلث الجريمة: أضلاعه (الفرصة - ذات ضعيفة - حاجة أو دوافع للفعل الإجرامي) وقال ان المسؤول الأول عن فصل هذه الأضلاع هو كل مؤسسات المجتمع دون استثناء. قصور المعالجة وقال: لا يزال القصور يشوب المعالجة لقضايا الابتزاز، فنجد بعض الجهات المعالجة تسعى إلى الإيقاع بالجاني من الذكور بالطرق غير المشروعة كالاستدراج، دون التعرض للطرف الآخر بعقاب مماثل يحقق الردع والمعالجة معًا، في ظل غياب واضح للوعي والتوعية التي من خلالهما تتضح الواجبات والمسؤوليات المحددة للسلوك والمعاملات، ولعل العقوبة هنا مبنية فقط في الجرائم الإلكترونية وفق تشريع قانوني.