من أخطر وأبرز القضايا التي بدأت تنتشر مؤخراً قضية ابتزاز الفتيات بصورهن الشخصية وقد سجلت مراكز الهيئات المنتشرة داخل المملكة عدداً كبيراً من هذه القضايا التي تكون الفتاة هي الضحية وفي الوقت نفسه هي المسئولة الوحيدة عن وقوعها بهذه المصيدة بسبب التهاون في حفظها في أجهزة الكمبيوتر أو إرسالها لشخص غريب ارتبطت معه بعلاقة محرمة أو غير ذلك. «الرياض» ناقشت هذه الظاهرة مع عدد من المختصين الذين حذروا الفتاة من التساهل في حفظ وتبادل الصور الشخصية حتى لا يتعرضن للابتزاز من بعض ضعاف النفوس. في البداية تحدث الشيخ: سليمان العنزي.. مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بتبوك عن خطورة هذه القضية قائلاً: لقد سجلت هيئة تبوك والهيئات الأخرى إحصائية كبيرة في ضبط حالات ابتزاز للفتيات حتى أصبحت هذه الظاهرة من أهم وأبرز القضايا خصوصاً في هذا الوقت ولعل هذا نتاج التحويلات التي طرأت في المجتمع. إضافة إلى الثورة المعلوماتية وتطور وسائل الاتصالات إضافة إلى عدم وجود الرقابة الذاتية وضعف الوازع الديني لدى الطرفين وتخلي البيت عن التربية الصحيحة وانشغال الوالدين عن أبنائهم وبناتهم وانعدام الصلة بينهم حيث استغل مستخدموها ضعف الفتيات وخوفهن من انتشار الفضيحة. وأضاف العنزي قائلاً: بعد تطور وسائل الاتصالات مثل الجوالات الحديثة والشبكة العنكبوتية وحداثة التقنيات والاستخدام السيئ من قبل الفتيات لهذه التقنية، أوقعت الفتيات في أيدي ذئاب بشرية لا ترحم تقوم بابتزازهن وتهديدهن بالفضيحة إن لم يستجبن لطلباتهم.. فتبدأ الفتاة في إدارة بائسة لازمة لم تدرب على كيفية التعامل معها، فتبدأ المتاهة والتعثر في الخطوات إلى أن تصل للوعد المكذوب بزعمه أنها المرة الأخيرة ولن تكون حتى تستمر إلى طريق غير منته فمسلسل التهديد والطلبات لن تنتهي. ومع كثرة قضايا الابتزاز التي تمارس على الفتيات لإقامة علاقات غير شرعية تحديداً بالمكالمات المسجلة والرسائل إلى جانب الصور إلا أنه يتم اللجوء إلى ذلك في حال إنهاء الفتاة العلاقة نتيجة لتوبة الفتاة والندم على ما مضى أو لارتباطها بالزواج من رجل آخر.. وتخوفاً من الفضيحة وأمام الضغط النفسي الذي يمارس عليها وللأسف أن كثيراً من الفتيات ينصعن ويستجبن للتهديدات ويمكن أنفسهن للشباب خوفاً من الفضيحة والعار وعن كيفية مواجهة هذه الجريمة أضاف الشيخ العنزي قائلاً: على ضوء انتشار هذه الظاهرة صدر التوجيه الكريم من لدن صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز -حفظه الله- بتشكيل لجنة عليا من قبل الجهات المختصة والجهات المعنية بمكافحة مثل هذه الجرائم وعلى رأسها هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدراسة هذه الظاهرة دراسة مستوفاة.. ونحن في الهيئات نعالج هذه القضايا بسرية تامة وسجلنا نجاحاً كبيراً في تخليص الفتيات من هؤلاء المبتزين. ومن هنا أضع بين أيدي فتياتنا اللاتي تعرضهن لهذه الظاهرة من الأشخاص المبتزين بعض الحلول التي تمكنهن بعد توفيق الله عز وجل من التخلص منهم لعل أهمها هو التوبة إلى الله والاستغفار والعزم على الإقلاع وعدم الرجوع إلى هذا الذنب. كذلك المجاهدة والصبر على هذه الأزمة ثم الحذر والحرص على عدم إساءة استخدام أجهزة الجولات وذلك من خلال التساهل في التصوير أو استبدال الصور أو حفظها في الجوال لأجل الذكري ثم يباع الجهاز أو يفقد أو يسرق فتقع الفتاة ضحية لذلك ومن المهم عدم إرفاق ذاكرة الهاتف مع الجهاز أثناء صيانته حيث ثبت في كثير من الواقع أن بعض العاملين في هذه المحلات يستغلون وجود بعض صور الفتيات أو يستخدمون برنامج استرجاع المحذوف من الذاكرة فيحصلون على بعض الصور والمقاطع ويستغلونها في ابتزاز الفتيات. ومن أهم الحلول أيضاً إبلاغ الجهات المعنية كهيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وعن أهم الأسباب التي توقع الفتاة ضحية للابتزاز من قبل ضعاف النفوس يقول فضيلة الشيخ سلطان العمري المشرف العام على موقع يا له من دين: هناك عدة أسباب أبرزها وجود الفراغ الذي هو المجرم لكل القضايا في العالم فعندما يتوفر للفتاة الفراغ ولا تجد ما تقضي وقتها فيه فإنها قد تتجه إلى مصادر الابتزاز من جوال وانترنت وغيرها من وسائل الابتزاز. وعدم النظرة للمستقبل، وما وراء الحدث، فيا ترى ماذا بعد الصور والجوال؟ هل فكرت في العرض والعفاف والمستقبل والسمعة، وضعف الهمة التي تجعلها تتعلق بالشاب، ولو كانت همتها عالية لصرفتها لمعالي الأمور وأنواع الخيرات. غفلة الوالدين وعدم الرقابة. وتأخر الزواج يجعل الفتاة عرضة للبحث عمن يبادلها أنواع الحب والعاطفة مما يجعلها سهلة الابتزاز. من جانب آخر تحدث الأستاذ نواف وصل الله الثمالي مدير إدارة الصحة النفسية والاجتماعية بالشئون الصحية بالطائف عن الأسباب النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى امتهان بعض الأشخاص مهنة الابتزاز وخصوصاً ابتزاز الفتيات على صورهن قائلاً: الابتزاز بكافة صورة وأشكاله سلوك غير سوي يدل على خلل في الشخصية وضعف في القيم الدينية والأخلاقية، فهو يمثل استباحة لخصوصيات الغير بالإكراه، والتعدي على حقوقهم أو ممتلكاتهم بغير وجه حق، واستغلال نقطة ضعف في الطرف الأخر (الضحية) تمثل له الخوف أو العقاب أو التشهير، تحت هذه الظروف تقع الضحية تحت التهديد والابتزاز، مما يمثل لها معاناة نفسية وقلقا مستمرا قد تدفع إلى تصرف خاطئ كالوقوع في الجريمة ضد النفس أو الغير، أو التفكير في الانتحار، أو الرضوخ لرغبات الشخص المبتز. كما أن القضية تأخذ منحنى آخر في حال أن الضحية هي فتاة يحاول المبتز استغلالها مادياً أو جنسياً تحت تهديد ما يحصل عليه من صور أو تسجيلات صوتية للفتاة، فهي قضية بدأت تظهر بمجتمعنا من قبل فئة من ضعاف النفوس لا تقدر حرمة هذا التصرف، ولا تعترف بالقيم الأصيلة لمجتمعنا الإسلامية، احترفت هذه الفئة استخدام الفتيات وإذلالهن لتحقيق رغبات مبتذلة وإشباع شهوات منحرفة تحت تأثير التقليد والانقياد للسلوك الغربي في تكوين العلاقات بين الجنسين، أو التنافس بين الأقران بغرض المباهاة في هذا المجال، يزيد هذه القضية توهجاً وانتشاراً ضعف الرقابة المجتمعية والأسرية والوصمة الاجتماعية في ظل تشكك الضحية في سرية إجراءات أي جهة تعني بحل هذه القضايا، لكونها من القضايا التي ظهرت بمجتمعنا حديثاً ولم تأخذ حقها في وسائل الإعلام. فمثل هذا الشخص المبتز فضلا عن انتهاكه حقوق الفتاة فهو يستبيح حراماً ويتعدى حداً متجرداً من إنسانيته، وتظهر صورته الحقيقية باستغلاله وأنانيته في تنفيذ رغباته ومصالحه، بل ويرى أنه في الموقف الأقوى بغض النظر عن تكوين الفتاة النفسي والعاطفي وموقعها في المجتمع، والتي غالباً لا تقارن بالرجل في سيطرتها على مشاعرها وعواطفها، وأن كانت تتشارك مع الطرف الآخر في تحمل نسبة من الخطأ في تكوين علاقة مشبوهة ومشاركتها لخصوصياتها مع الغير، وتجاوز الأعراف الدينية والاجتماعية. وفي ذات السياق يضيف الثمالي قائلاً: إن أبعاد التركيبة الشخصية والأخلاقية لدى من يقوم باستغلال الفتيات اكتسبت السلوك غير السوي من خلل في التربية، واختلاط في المفاهيم الثقافية تمثل انفصاماً بين السلوك والتفكير، وتناقض أخلاقي وسلوكي يتلون تبعاً للموقف بعيداً عن أي قيم واعتبارات، فيبدأ بتصنع الجميل من الصفات وانتقاء العبارات المؤثرة مع إخفائه لصفاته السيئة، وتقمص شخصية المحب الذي يسعى إلى تعزيز الثقة والشعور بالأمن العاطفي والنفسي لدى الفتاة، وغالباً ما تبحث عنه الفتاة لتعويض ما تفتقده من أسرتها والمحيطين بها، فيدفعها ذلك في لحظة ضعف وطيش إلى تغليب التفكير العاطفي على التفكير المنطقي والوثوق بهذا الشخص وإطلاعه على خصوصيتها، مما تبدأ معه رحلة المساومة على شرف الفتاة والتشهير بها في حالة عدم تحقيق مصالحه أو الخضوع أمام رغباته الدنيئة. لذا من المهم وفي سبيل حلول لهذه القضية العمل على إنشاء جهات مستقلة تعنى بمساعدة الفتيات اللاتي يعانين هذه المشكلة وتخليصهن من شرور ضعاف النفوس كجهود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع الأخذ في الحسبان السرية وعدم التشهير بالفتاة، فوجود جهات تعد مصدر ثقة وأمن لدى الفتاة يدفعها إلى المبادرة إلى الإبلاغ عمن يستغلها ويقوم بابتزازها كما انه يجسد مفهوم احترام مكانة المرأة وصيانة حقوقها من العبث واللهو.