أتى من بعيد وحضر متأخرًا لكنه لم يقبل بغير الصدارة مكانًا ومكانة.. لقد حفر المخلصون في نادي نجران أخدودًا أحرقوا فيه كل مراحل المؤسسة الثقافية لدينا وكل ملتقياتها وبرامجها السابقة، أخدودًا التهم كل المحاولات السابقة التي قام بها السابقون بعيدًا عن مفهوم الثقافة والعمل الثقافي بعد أن جمعوا كل الفنون في مهرجانهم فتجاور المسرح والكتاب والقصيدة والفن التشكيلي والنقد الأدبي والقراءات التاريخية والثقافية والآثار والتراث في أيام معدودة، كل ذلك حضر من خلال الفهم الواعي للبعد الاجتماعي للفعل الثقافي الذي تجسد من خلال التفاف أبناء نجران حول النجاح والتميز ليقدموا لنا مهرجانًا متفردًا وشاملاً. لقد استطاع نادي نجران الأدبي بإخلاص القائمين عليه وحبهم لمنطقتهم واعترافهم بأهمية التميز على أن تكون نجران بحضارتها وموروثها الثقافي وبعدها الجغرافي والتاريخي هي الملحمة الأكبر وهي المهرجان الأجمل الذي يعيد الروح إلى جسد الثقافة الذي أنهكته ملتقيات العلاقات والأوراق المكررة والأفكار المستنسخة بعمل رائع ومهرجان هو الأول ولكنه لن يكون الأخير، لقد عزموا على البقاء متفردين بوعيهم وثقافتهم في فهم دور المؤسسة من خلال التعريف بحضارتهم ومنطقتهم وقدرات ومواهب شبابهم ومثقفيهم القادرين على البقاء في المقدمة. لقد قدم نادي نجران الأدبي بمؤازرة حكيمة ودعم لا محدود من أميرها المثقف الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز وبأفكار المبدعين من أبنائه والمخلصين من شباب تلك المنطقة للجميع ملحمة استمرت لأربعة أيام تكامل فيها العمل الثقافي بالاجتماعي فقد جندوا أنفسهم لهذا العمل من خلال ملحمة الأخدود شعب الجنة والنار مرورًا بالخطيب المفوه رئيس النادي متزامنا مع إبداع صالح زمان وإدارة صالح سدران واكتمالاً بكل الشباب العامل في كل اللجان بحب وإخلاص دون كلل ولا ملل تسبقهم ابتسامتهم متزامنة مع صوت قادم من شيم الكرام (ارحبوا) في شهامة وأصالة تسابق العصر لتكون الصورة الأحدث في واقعنا الثقافي وهي التي تحمل التفاف كل فئات المجتمع على العمل الثقافي الذي يرون أنه الممثل الأصدق لمنطقتهم وواقعهم الجميل الذي يعيشونه من نهضة شاملة في كل المجالات مؤمنين بأن ثقافة وحضارة المنطقة ما هي إلا نتيجة لقدرات وإمكانات ومواهب وعطاء أبنائها متى وجدت الدعم والمؤازرة والمكان والزمان المناسبين. نجران قادمة لا محالة بجيل من الشباب تسلحوا بالعلم والوعي وأعدوا أنفسهم ليكونوا شواهد حقيقية على مفهوم الثقافة الواسع الذي يحقق على أرض الواقع التفكير الرصين والقيم السليمة والسلوك الصادق دون تكلف ودون تمييز إلا من خلال الإبداع والعطاء وحب المشاركة في صياغة ثقافة الوطن بما يتناسب مع منجزات العصر.. أتعبتم من سيأتي بعدكم أيها الكرام خلقًا الرائعون حقًّا في التنظيم والإدارة والاستقبال والضيافة، والمبدعون حقًّا بما قدمتم في مهرجانكم الأول.. هنيئًا للثقافة بنجران وهنيئًا لنجران بأميرها وعطاء أبنائها.. وهنيئا لنا جميعا بعودة الروح إلى مؤسساتنا الثقافية.. [email protected]