خلال أيام التعليق، تعلقت رحلتي إلى نجران أكثر من مرة رغم حرصي على الحضور إلى المطار كلما لاحت بارقة أمل. كنت حريصا على مشاركة الزملاء في نادي نجران الأدبي تظاهرتهم الكبرى «مهرجان قس بن ساعدة» تلبية لدعوتهم الكريمة.. لقد شعرت بالحزن حين تزامن مهرجانهم مع موجة الغبار الكثيفة وعدم استطاعة كثير من المدعوين الوصول إلى نجران، لكنهم أصروا على قيام المهرجان بمن حضر، وكان لهم ما شاؤوا لتخرج تظاهرة فريدة من نوعها، تظاهرة ثقافية تأريخية إنسانية امتزجت فيها تفاصيل كثيرة استحضرت الحقيقة والأسطورة والخيال والواقع، وبثت تأريخ نجران محتفظا بنكهة العراقة في نسخة تتواءم مع الحاضر.. هذه المنطقة المكتظة بتأريخ استثنائي، زرتها مرتين من قبل، الأولى في أيام كئيبة هي أيام حمى الوادي المتصدع ولوقت قصير جدا، والثانية قبل بضعة أشهر بصحبة زملاء من وزارة الثقافة والإعلام لعقد انتخابات مجلس إدارة نادي نجران الأدبي. لم أتمكن من رؤية كل ما هو مهم في المنطقة بسبب قصر وقت الزيارة، لكني خرجت بانطباع نادر في روعته عن إنسان المنطقة وحرصه على التميز في العمل والتعامل.. مضت انتخابات النادي بسلاسة لم نشهد مثلها في أي ناد آخر، وتسلم النادي مجموعة من الشباب الطامح لخدمة الثقافة والفكر والأدب في منطقته بإخلاص حقيقي. لم نسمع في نادي نجران عن أعراض ما بعد الانتخابات التي اجتاحت بعض الأندية وحولتها إلى ساحات صدام ومواجهة وتصفية حسابات. بدأ الشباب عملهم دون ضجيج وكونوا فريق عمل متناغم يفكر في الإنجاز وليس في التنظير، وخلال وقت قصير من إدارتهم خرجوا علينا بفكرة ناضجة متكاملة مستوفية لكل شروط التنفيذ، هي فكرة مهرجان قس بن ساعدة، لتحظى بدعم الوزارة والمجتمع وقبل ذلك أمير المنطقة، الداعم الأول لكل نشاط خلاق.. أنا على يقين بأن النادي الأدبي في نجران سيبعث الكثير من تأريخ وفكر وأدب وثقافة المنطقة مثلما سيقدم المواهب والأفكار الجديدة. سيثبت النادي وأبناء وبنات المنطقة أن نجران ليست تحت الصفر كما وصفتها ذات رواية في زمن غابر، وإنما دائما فوق الذرى بمجدها وأصالتها وعراقة تأريخها. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]